الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 391 ] فصل ومن ملك نصابا ثم ملك آخر لا يغير الفرض ، بأن يملك أربعين شاة في المحرم بسبب مستقل ، ثم أربعين في صفر ، ففي الأولى لتمام حولها شاة في المحرم ، لانفرادها في بعض الحول ، ولا شيء في الثانية لتمام حولها ، في وجه قدمه في المحرر وغيره ، للعموم في الأوقاص ، كمملوك دفعه ، وقيل : شاة كالأولى كمالك منفرد ، وقيل : زكاة خلطة نصف شاة كأجنبي ( م 6 ) وفيما بعد الحول الأول يزكيها زكاة خلطة ، كلما تم [ ص: 392 ] حول أحدهما أخرج قسطها نصف شاة ، ولو ملك أيضا أربعين في ربيع ، فعلى الأول لا شيء سوى الشاة الأولى ، وعلى الثاني شاة ، وعلى الثالث زكاة خلطة ، ثلاث شياه لا ثلث الجميع ، وفيما بعد الحول الأول في كل ثلاث شياه لتمام حولها ، وإن ملك خمسة أبعرة بعد خمسة وعشرين ، فعلى الأول لا شيء سوى بنت مخاض للأولى ، وعلى الثاني شاة ، وعلى [ ص: 393 ] الثالث سدس بنت مخاض ، وفيما بعد الحول الأول في الأولى ، خمسة أسداس بنت مخاض لتمام حولها ، وسدسها في الخمس لتمام حولها ، وإن ملك مع ذلك ستا في ربيع ، فعلى الأولى بنت مخاض ، وفي الإحدى عشرة لتمام حولها ربع بنت لبون ونصف تسعها ، وعلى الثاني لكل من الخمس والست شاة ، لتمام حولها ، وعلى الثالث في الخمس لتمام حولها سدس بنت مخاض ، وفي الست لتمام حولها سدس بنت لبون ، وإن نقص الثاني عن نصاب ولم يغير الفرض فلا زكاة ; لأنه وقص ، وقيل : بل زكاة خلطة كأجنبي ، ففي عشرين بعد أربعين ثلث شاة ، وفي عشر من البقر بعد أربعين خمس مسنة ، وفي خمس بعد ثلاثين سبع تبيع ، وإن غير الفرض ولم يبلغ نصابا ، كعشر من البقر بعد ثلاثين ، ففي الأول لتمام حولها تبيع ، وفي العشر زكاة خلطة ربع مسنة ; لأنه تم نصاب المسنة فأخرج بقسطها .

                                                                                                          وقيل على الوجه الثاني لا شيء ، وإن غير الفرض ، وبلغ نصابا وجبت زكاته ، وقدرها يبنى على الوجوه فيما إذا لم يغير الفرض ، فعلى الأول هناك ينظر هنا إلى زكاة الجميع ، فيسقط منها ما وجب في الأولى ، ويجب الباقي في الثاني ، وعلى الوجه الثاني هناك يعتبر مستقلا بنفسه ، فكذا هنا ، وعلى الثالث تجب زكاة خلطة ، فكذا هنا ، ففي مائة شاة بعد أربعين شاة شاة ، وعلى الوجه الثالث شاة وثلاثة أسباع [ ص: 394 ] شاة ; لأن في الكل شاتين ، والمائة خمسة أسباع الكل ، فحصتها من فرضه خمسة أسباعه ، وإن ملك مائة أخرى في ربيع ففيها شاة ، وعلى الوجه الثالث شاة وربع ; لأن في الكل ثلاث شياه ، والمائة ربع الكل وسدسه ، فحصتها من فرضه ربعه وسدسه ، وفي إحدى وثمانين شاة بعد أربعين شاة شاة ، وعلى الثالث شاة وإحدى وأربعون جزءا من مائة وإحدى وعشرين جزءا من شاة ، كخليط ، وفي مائة وعشرين بعد مائة وعشرين شاتان ، أو شاة ونصف ، وفي خمسة أبعرة بعد عشرين بعيرا شاة على الثاني ، زاد الشيخ : والأول .

                                                                                                          وعلى الثالث خمس بنت مخاض ، زاد ابن تميم : والأول ، وفي ثلاثين من البقر بعد خمسين تبيع على الثاني ، وثلاثة أرباع مسنة على الثالث ، وعند صاحب المحرر لا يجيء الوجه الأول في هاتين المسألتين ; لأنه يفضي في الأول إلى إيجاب ما يبقى من بنت مخاض بعد إسقاط أربع شياه ، وهي من غير الجنس ، وفي الثالثة إلى إيجاب فرض نصاب عما دونه ، فلهذا قال : الوجه الثالث أصح ، لعدم اطراد الأول ، وضعف الثاني ; لأنه لا يفرد الأجنبي المخالط بالإيجاب عن مال خليطه ، فمال الواحد أولى ; لأن ضم ملكه بعضه إلى بعض أولى من خليط إلى خليط ، ولهذا ضعف في المغني الوجه الثاني .

                                                                                                          [ ص: 391 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 391 ] مسألة 6 ) قوله : ومن ملك نصابا ثم ملك آخر لا يغير الفرض ، بأن يملك أربعين شاة في المحرم بسبب مستقل ، ثم أربعين شاة في صفر ، ففي الأولى لتمام حولها شاة في المحرم ; لانفرادها في بعض الحول ، ولا شيء في الثانية لتمام حولها ، في وجه قدمه في المحرر وغيره وقيل شاة كالأولى كمالك منفرد ، وقيل : زكاة خلطة نصف شاة كالأجنبي ، انتهى ، وأطلقهن في المستوعب والتلخيص والبلغة ومختصر ابن تميم والقواعد الفقهية ، أحدها لا شيء عليه في الثاني وهو الصحيح ، صححه في التصحيح ، وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم ، وهذا وجه الضم .

                                                                                                          والوجه الثاني عليه للثاني زكاة خلطة ، كالأجنبي ، قال المجد : وهذا أصح ، وأطلقهما في المقنع والشرح وشرح ابن منجى ، والوجه الثالث يلزمه شاة كمالك منفرد ، ذكره أبو الخطاب ، وضعفه الشيخ الموفق والمجد والشارح وغيرهم ، وهذا وجه الانفراد ، وتفريع المصنف الآتي على هذه الأوجه ، وقد علمت الصحيح منها ، والله أعلم .

                                                                                                          ( تنبيه ) قال الشيخ العلامة زين الدين بن رجب في قواعده في الفائدة الثالثة : [ ص: 392 ] المستفاد بعد النصاب في أثناء الحول هل يضم إلى النصاب أو يفرد عنه ؟ فإذا استفاد مالا زكويا من جنس النصاب في أثناء حوله فإنه يفرد بحول ، عندنا ، لكن هل يضمه إلى النصاب في العدد ، أو يخلط به ويزكيه زكاة خلطة ، أو يفرده بالزكاة كما أفرده بالحول ؟ فيه ثلاثه أوجه ، أحدها : يفرده بالزكاة ، وهذا الوجه مختص بما إذا كان المستفاد نصابا أو دون نصاب ، ولا يغير فرض النصاب ، أما إن كان دون نصاب ويغير فرض النصاب لم يتأت فيه هذا الوجه ، صرح به المجد في شرحه ، ويختص هذا الوجه أيضا بالحول الأول ، صرح به غير واحد ، وكلام بعضهم يشعر باطراده في كل الأحوال ، وصرح القاضي أبو يعلى الصغير بحكاية ذلك وجهان .

                                                                                                          الوجه الثاني أنه يزكي ذلك زكاة خلطة ، صححه المجد ، وزعم أن صاحب المغني ضعفه فيه ، وإنما ضعف الأول ، والوجه الثالث يضم النصاب ، فيزكي زكاة ضم ، وعلى هذا فهل الزيادة كنصاب منفرد ، أو الكل نصاب واحد ؟ على وجهين : أحدهما أنها كنصاب منفرد ، ولو [ كان ] ذلك لزكى النصاب عقيب تمام حوله بحصته من فرض المجموع ، ولم يزك زكاة انفراد ، وهذا قول أبي الخطاب في انتصاره وصاحب المحرر ، والثاني أنه نصاب واحد ، وهو ظاهر كلام القاضي وابن عقيل وصاحب المغني ، وهو الأظهر ، واستطرد في ذلك وأطال وأجاد ، وذكر فوائد الاختلاف في مسائل كثيرة ، فرحمه الله ما أكثر تحقيقه ، وأغزر علمه ، فهذه ست مسائل قد صححت بعون الله تعالى .




                                                                                                          الخدمات العلمية