الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في نفقة المحضون وكسوته وكيف يقضى فيها]

                                                                                                                                                                                        لمن الولد في حضانته من أم أو غيرها أن يأخذ ما يحتاج إليه الولد من نفقة، أو كسوة وغطاء ووطاء، فإن قال الأب: تبعثه إلي يأكل عندي ثم يعود إليك- لم يكن ذلك له; لأن في ذلك ضررا على الولد وعلى من هو في حضانته; لأن الأطفال لا ينحصر الوقت الذي يأكلون فيه وأكلهم مفترق، وذلك يؤدي إذا جاع أن تطعمه حاضنته من عندها، ولا تتركه [ ص: 2577 ] فتتكلف منه ما لا يلزمها أو تتركه فيضيع، وبخاصة في الإناث; لأن كثرة تردادهن يؤدي إلى الإخلال بصيانتهن.

                                                                                                                                                                                        واختلف في أجرة سكنى الولد على أربعة أقوال: فقال في المدونة: على الأب السكنى. وقال يحيى بن عمر: السكنى على قدر الجماجم. وقال: وروي أيضا ألا شيء على المرأة فيما كان أبوه موسرا. وقال سحنون في كتاب ابنه: ذلك عليهما، وليس يكون نصفين، ولكن على قدر ما يرى ويجتهد. وأرى أن تجري المسألة على ثلاثة أوجه: فإن كان الأب في مسكن يملكه، أو بكراء ولو كان ولده معه لم يتزيد عليه في الكراء، ألا شيء على الأب; لأنه كان في مندوحة عن دفع الأجرة عن سكناه. وإن كان يتزيد عليه في الكراء وعليها هي لأجل الولد كان عليه الأقل مما يتزيد عليه أو عليها لأجله، فإن كان ما زيد عليها أقل أخذته; لأنه القدر الذي أضرها به، وإن كان مما يتزيد عليه أقل غرمه; لأنه مما لم يكن له منه بد لو كان عنده.

                                                                                                                                                                                        واختلف في خدمته إياه، فقال في المدونة: إن كان لا بد للولد من خادم لضعفهم عن أنفسهم والأب يقوى على الإخدام أخدمهم. وقال ابن وهب في الدمياطية: ليس عليه أن يخدمهم. قال: وبذلك قضى أبو بكر على عمر - رضي الله عنهما - دفع الولد إلى الجدة، وأمره بالإنفاق عليه. وأرى أن يعتبر في الخدمة نحو ما [ ص: 2578 ] تقدم في الإسكان، فإن كان الولد، لو كان في جملة الأب، لم يقم لها خادما فلا شيء عليه، وإلا أقام لهم من يخدمهم، فقد يكون للأم خادم تخدمها، وخدمة الولد غير منفصلة من خدمة الأم، فلا يكون لها شيء، فإذا كان الطبخ والعجن والغسل في جملة الأم لم يضرها الولد بشيء، إلا أن يكونوا عددا فيكون على الأب أن يخدمهم لعظم مؤنتهم.

                                                                                                                                                                                        وأما الغطاء والوطاء فعلى الأب ما يحتاجون إليه من ذلك، وإن كان مبيتهم في جملة الأم كان عليه بقدر ما ينوبهم، وإن لم يكونوا في جملتها أقام لهم ما يحتاجون إليه من ذلك. وإن بلغ الولد حد من لا يجوز له أن يبيت متعريا مع الأم أقام لهم ما يحتاجون إليه من ذلك لانفرادهم.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية