الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 269 ] 6 - باب

                                من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

                                255 258 - حدثني محمد بن المثنى ، نا أبو عاصم ، عن حنظلة ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب ، فأخذ بكفيه ، فبدأ بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، فقال بهما على وسط رأسه .

                                التالي السابق


                                ( حنظلة ) هو ابن أبي سفيان .

                                وظاهر تبويب البخاري على هذا الحديث يدل على أنه فهم منه أن الحلاب نوع من الطيب ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعمل شيئا من الطيب في رأسه في غسل الجنابة .

                                وقد أنكر العلماء ذلك على البخاري رحمه الله ، ونسبوه فيه إلى الوهم . منهم الخطابي والإسماعيلي ، وغير واحد . وقالوا : إنما الحلاب إناء يحلب فيه ، ويقال له : المحلب أيضا .

                                والمراد أنه كان يغتسل من مد نحو الإناء الذي يحلب فيه اللبن من المواشي ، وهو معنى الحديث الآخر أنه نحو الصاع .

                                ويشهد لذلك أنه روي في بعض طرق هذا الحديث أن القاسم سئل : كم يكفي من غسل الجنابة ، فحدث بهذا الحديث . وإنما كان السؤال عن قدر ماء الغسل ، لا عن الطيب عند الغسل .

                                ذكره الإسماعيلي في ( صحيحه ) .

                                وذكر أيضا حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرب إليه حلاب فيه لبن ، [ ص: 270 ] فشرب منه ، يعني يوم عرفة .

                                وزعم بعضهم أنه ( الجلاب ) بالجيم ، وأن المراد به ماء الورد . وهو أيضا تصحيف وخطأ ممن لا يعرف الحديث .

                                وزعم آخرون أن ( الحلاب ) بالحاء وعاء للطيب ، ولا أصل لذلك .

                                وخرج أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الفقيه في ( كتاب الشافي ) في هذا الحديث من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، عن حنظلة ، عن القاسم ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل في حلاب قدر هذا - وأرانا أبو عاصم قدر الحلاب بيده ، فإذا هو كقدر كوز يسع ثمانية أرطال - ثم يصب على شق رأسه الأيسر . ثم يأخذ بكفيه ، فيصب وسط رأسه .



                                الخدمات العلمية