الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  العسكرية العربية الإسلامية

                  اللواء الركن / محمود شيت خطاب

                  العقيدة العسكرية الإسلامية

                  [1] غياب العقيدة العسكرية الإسلامية:

                  إن العقيدة العسكرية الإسلامية، غائبة غيابا تاما عن القوات المسلحة العربية والإسلامية في جميع أرجاء البلاد العربية والدول الإسلامية، مجهولة جهلا كاملا في المدارس والمعاهد والكليات العسكرية العربية والإسلامية، وفي سائر المؤسسات التعليمية العسكرية والمدنية أيضا في الوطن العربي ودار الإسلام، لا يعرفها العسكريون العرب المسلمون، [ ص: 51 ] ولا يقدرون قيمتها العظيمة ومكانتها الرفيعة بين العقائد العسكرية الشرقية والغربية المعروفة، ولا يعملون بها؛ لأنهم يجهلونها ويجهلون أثرها وتأثيرها في العرب والمسلمين، والمرء عدو ما جهل.

                  وقد يعرفها قسم من الفقهاء العرب والمسلمين، يتحدثون عنها في مجالاتهم التدريسية، كفرع من فروع الفقه فحسب، فهي مبادئ في كتب الفقه للعلم لا للعمل، مجمدة لا تطبق.

                  أما القوات المسلحة العربية والإسلامية ضباطا ومراتب وجنودا، فتطبق في الوقت الحاضر ثلاثة أقسام، أو ثلاثة أنواع من العقائد العسكرية الأجنبية، كل قسم من الدول العربية والإسلامية يطبق نوعا من أنواع العقائد العسكرية الأجنبية.

                  القسم الأول من الدول العربية الإسلامية، يطبق العقيدة العسكرية الغربية، وهذه العقيدة تقسم إلى ثلاثة أنواع: العقيدة العسكرية الأمريكية، والعقيدة العسكرية البريطانية، والعقيدة العسكرية الفرنسية.

                  أما العقيدة العسكرية الأمريكية، فتسود في القوات المسلحة العربية الإسلامية التي تستورد السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية ، وتوفد طلابها العسكريين وضباطها إلى المؤسسات العسكرية الأمريكية.

                  أما العقيدة العسكرية البريطانية، فتسود في القوات المسلحة العربية والإسلامية التي تستورد السلاح من بريطانيا ، وتوفد الطلاب العسكريين للدراسة في مؤسساتها العسكرية، أو كانت مستعمرة لبريطانيا وجرى تدريب قواتها المسلحة على أيدي الخبراء العسكريين البريطانيين.

                  أما العقيدة العسكرية الفرنسية، فتسود في القوات المسلحة التي تستورد السلاح من فرنسا ، أو جرى تدريب جيشها على أيدي الفرنسيين يوم كانت بلادهم مستعمر لفرنسا. [ ص: 52 ]

                  والقسم الثاني من قوات العرب المسلمين المسلحة، يطبق العقيدة العسكرية الشرقية، وهي القوات التي كسرت احتكار السلاح، واستوردت أسلحتها من الدول الشرقية بعد أن كانت تستورده من الدول الغربية وأوفدت التلاميذ والطلاب إلى المدارس والمعاهد والكليات العسكرية الشرقية، واستقدمت الخبراء الشرقيين لتدريب جيشها.

                  والقسم الثالث من قوات العرب المسلمين المسلحة، يطبق العقيدة الغرابية، كما اصطلحت على تسميتها نسبة للغراب الذي أراد تقليد العصفور في مشيته، فأخفق في محاولته، ولكنه نسي مشيته الأصلية، فلا أصبح كالعصفور في مشيته، ولا بقي غرابا كأمثاله من الغربان.

                  هذه القوات العربية الإسلامية، كانت تطبق العقيدة الغربية، ثم طبقت العقيدة الشرقية، ثم بدلت رأيها فعادت أدراجها إلى العقيدة الغربية، وتبدلت عقيدتها في مدة زمنية قصيرة غير كافية لاستيعاب أية عقيدة من العقيدتين كما ينبغي، وأصبح لديها ضباط وضباط صف تخرج قسم منهم في العقيدة الغربية، وتخرج قسم منهم في العقيدة الشرقية، فأصبح كل قسم من هـذين القسمين يدرب رجاله على العقيدة التي تعلمها، فلم تبق تلك القوات المسلحة على إحدى العقيدتين، بل امتزجت العقيدتان امتزاجا متناقضا، فأصبح التدريب والتعليم العسكريان في تلك القوات المسلحة في تلك القوات المسلحة على إحدى العقيدتين، بل امتزجت العقيدتان امتزاجا متناقضا، فأصبح التدريب والتعليم العسكريان في تلك القوات المسلحة العربية الإسلامية أقرب إلى الفوضى منه إلى النظام.

                  إن العقيدة العسكرية الغربية تسود قسما من القوات العربية الإسلامية المسلحة، وتسود قسما آخر منها العقيدة العسكرية الشرقية، وتسود القسم الثالث والأخير منها العقيدة العسكرية الغرابية، أما العقيدة العسكرية العربية الإسلامية، فغائبة عن القوات العسكرية العربية الإسلامية غيابا كاملا، ومن النادر جدا أن يعرف عسكري عربي مسلم، [ ص: 53 ] أن هـناك عقيدة عسكرية عربية إسلامية سادت ردحا من الزمن، وقادت العرب والمسلمين إلى النصر.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية