الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار

                                                                                                                                                                                                                                        قل من رب السماوات والأرض خالقهما ومتولي أمرهما . قل الله أجب عنهم بذلك إذ لا جواب لهم سواه ، ولأنه البين الذي لا يمكن المراء فيه أو لقنهم الجواب به . قل أفاتخذتم من دونه ثم ألزمهم بذلك لأن اتخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل . أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا لا يقدرون على أن يجلبوا إليها نفعا أو يدفعوا عنها ضرا فكيف يستطيعون إنفاع الغير ودفع الضر عنه ، وهو دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن يشفعوا لهم . قل هل يستوي الأعمى والبصير المشرك [ ص: 185 ] الجاهل بحقيقة العبادة والموجب لها والموحد العالم بذلك . وقيل المعبود الغافل عنكم والمعبود المطلع على أحوالكم . أم هل تستوي الظلمات والنور الشرك والتوحيد . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالياء . أم جعلوا لله شركاء بل أجعلوا والهمزة للإنكار وقوله : خلقوا كخلقه صفة لشركاء داخلة في حكم الإنكار .

                                                                                                                                                                                                                                        فتشابه الخلق عليهم خلق الله وخلقهم ، والمعنى أنهم ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله حتى يتشابه عليهم الخلق فيقولوا هؤلاء خلقوا كما خلق الله فاستحقوا العبادة كما استحقها ، ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلا عما يقدر عليه الخالق . قل الله خالق كل شيء أي لا خالق غيره فيشاركه في العبادة ، جعل الخلق موجب العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله : وهو الواحد المتوحد بالألوهية . القهار الغالب على كل شيء .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية