nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وعلى الثلاثة معطوف على النبيء بإعادة حرف الجر لبعد المعطوف عليه ، أي وتاب على الثلاثة الذين خلفوا . وهؤلاء فريق له حالة خاصة من بين الذين تخلفوا عن غزوة
تبوك غير الذين ذكروا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81فرح المخلفون بمقعدهم الآية ، والذين ذكروا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=90وجاء المعذرون الآية .
والتعريف في الثلاثة تعريف العهد فإنهم كانوا معروفين بين الناس ، وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك من
بني سلمة ، ومرارة بن الربيع العمري من
بني عمرو بن عوف ، وهلال بن أمية الواقفي من
بني واقف ، كلهم من الأنصار تخلفوا عن غزوة
تبوك بدون عذر . ولما رجع النبيء - صلى الله عليه وسلم - من غزوة
تبوك سألهم عن تخلفهم فلم يكذبوه بالعذر ولكنهم اعتذروا بذنبهم وحزنوا .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341928ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس عن كلامهم ، وأمرهم بأن يعتزلوا نساءهم . ثم عفا الله عنهم بعد خمسين [ ص: 52 ] ليلة . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك في قصته هذه مع الآخرين في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وصحيح
مسلم طويل أغر ، وقد ذكره
البغوي في تفسيره .
و " خلفوا " بتشديد اللام مضاعف خلف المخفف الذي هو فعل قاصر ، معناه أنه وراء غيره ، مشتق من الخلف بسكون اللام وهو الوراء . والمقصود بقي وراء غيره . يقال : خلف عن أصحابه إذا تخلف عنهم في المشي يخلف بضم اللام في المضارع ، فمعنى ( خلفوا ) خلفهم مخلف ، أي تركهم وراءه وهم لم يخلفهم أحد وإنما تخلفوا بفعل أنفسهم . فيجوز أن يكون خلفوا بمعنى خلفوا أنفسهم على طريقة التجريد . ويجوز أن يكون تخليفهم تخليفا مجازيا استعير لتأخير البت في شأنهم ، أي الذين خلفوا عن القضاء في شأنهم فلم يعذرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا آيسهم من التوبة كما آيس المنافقين . فالتخليف هنا بمعنى الإرجاء . وبهذا التفسير فسره
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك في حديثه المروي في الصحيح فقال : وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو وإنما تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه . اهـ .
يعني ليس المعنى أنهم خلفوا أنفسهم عن الغزو وإنما المعنى خلفهم أحد ، أي جعلهم خلفا وهو تخليف مجازي ، أي لم يقض فيهم . وفاعل التخليف يجوز أن يراد به النبيء - صلى الله عليه وسلم - أو الله تعالى .
وبناء فعل ( خلفوا ) للنائب على ظاهره ، فليس المراد أنهم خلفوا أنفسهم .
وتعليق التخليف بضمير الثلاثة من باب تعليق الحكم باسم الذات . والمراد : تعليقه بحال من أحوالها يعلم من السياق ، مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة
وهذا الذي فسر
كعب به هو المناسب للغاية بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت لأن تخيل ضيق الأرض عليهم وضيق أنفسهم هو غاية لإرجاء أمرهم انتهى عندها التخليف ، وليس غاية لتخلفهم عن الغزو ; لأن تخلفهم لا انتهاء له .
[ ص: 53 ] وضيق الأرض : استعارة ، أي حتى كانت الأرض كالضيقة عليهم ، أي عندهم . وذلك التشبيه كناية عن غمهم وتنكر المسلمين لهم . فالمعنى أنهم تخيلوا الأرض في أعينهم كالضيقة كما قال
الطرماح :
ملأت عليه الأرض حتى كأنها من الضيق في عينيه كفة حابل
وقوله : ( بما رحبت ) حال من الأرض ، والباء للملابسة ، أي الأرض الملابسة لسعتها المعروفة . وما مصدرية .
و ( رحبت ) اتسعت ، أي تخيلوا الأرض ضيقة وهي الأرض الموصوفة بسعتها المعروفة .
وضيق أنفسهم : استعارة للغم والحزن لأن الغم يكون في النفس بمنزلة الضيق . ولذلك يقال للمحزون : ضاق صدره ، وللمسرور : شرح صدره .
والظن مستعمل في اليقين والجزم ، وهو من معانيه الحقيقية . وقد تقدم عند قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون في سورة البقرة ، وعند قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=66وإنا لنظنك من الكاذبين في سورة الأعراف ، أي وأيقنوا أن أمر التوبة عليهم موكول إلى الله دون غيره بما يوحي به إلى رسوله ، أي التجئوا إلى الله دون غيره . وهذا كناية عن أنهم تابوا إلى الله وانتظروا عفوه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117ثم تاب عليهم عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ضاقت عليهم الأرض وما بعده ، أي حتى وقع ذلك كله ثم تاب عليهم بعده .
و ( ثم ) هنا للمهلة والتراخي الزمني وليست للتراخي الرتبي ; لأن ما بعدها ليس أرفع درجة مما قبلها بقرينة السياق ، وهو مغن عن جواب ( إذا ) لأنه يفيد معناه ، فهو باعتبار العطف تنهية للغاية ، وباعتبار المعطوف دال على الجواب .
واللام في ( ليتوبوا ) للتعليل ، أي تاب عليهم لأجل أن يكفوا عن المخالفة ويتنزهوا عن الذنب ، أي ليدوموا على التوبة ، فالفعل مستعمل في معنى الدوام على التلبس بالمصدر لا على إحداث المصدر .
[ ص: 54 ] وليس المراد ليذنبوا فيتوبوا ، إذ لا يناسب مقام التنويه بتوبته عليهم . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118إن الله هو التواب الرحيم تذييل مفيد للامتنان .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَعَلَى الثَّلَاثَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّبِيءِ بِإِعَادَةِ حَرْفِ الْجَرِّ لِبُعْدِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، أَيْ وَتَابَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا . وَهَؤُلَاءِ فَرِيقٌ لَهُ حَالَةٌ خَاصَّةٌ مِنْ بَيْنِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ غَيْرِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ الْآيَةَ ، وَالَّذِينَ ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=90وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ الْآيَةَ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الثَّلَاثَةِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بَيْنَ النَّاسِ ، وَهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ
بَنِي سَلَمَةَ ، وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ مِنْ
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ مِنْ
بَنِي وَاقِفٍ ، كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ بِدُونِ عُذْرٍ . وَلَمَّا رَجَعَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ سَأَلَهُمْ عَنْ تَخَلُّفِهِمْ فَلَمْ يَكْذِبُوهُ بِالْعُذْرِ وَلَكِنَّهُمُ اعْتَذَرُوا بِذَنْبِهِمْ وَحَزِنُوا .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341928وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ عَنْ كَلَامِهِمْ ، وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَعْتَزِلُوا نِسَاءَهُمْ . ثُمَّ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ خَمْسِينَ [ ص: 52 ] لَيْلَةً . وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّتِهِ هَذِهِ مَعَ الْآخَرِينَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَصَحِيحِ
مُسْلِمٍ طَوِيلٌ أَغَرُّ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ
الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ .
وَ " خُلِّفُوا " بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مُضَاعَفُ خَلَفَ الْمُخَفَّفِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ قَاصِرٌ ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَرَاءَ غَيْرِهِ ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْخَلْفِ بِسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْوَرَاءُ . وَالْمَقْصُودُ بَقِيَ وَرَاءَ غَيْرِهِ . يُقَالُ : خَلَفَ عَنْ أَصْحَابِهِ إِذَا تَخَلَّفَ عَنْهُمْ فِي الْمَشْيِ يَخْلُفُ بِضَمِّ اللَّامِ فِي الْمُضَارِعِ ، فَمَعْنَى ( خُلِّفُوا ) خَلَفَهُمْ مُخَلِّفٌ ، أَيْ تَرَكَهَمْ وَرَاءَهُ وَهُمْ لَمْ يُخَلِّفُهُمْ أَحَدٌ وَإِنَّمَا تَخَلَّفُوا بِفِعْلِ أَنْفُسِهِمْ . فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خُلِّفُوا بِمَعْنَى خَلَّفُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ التَّجْرِيدِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَخْلِيفُهُمْ تَخْلِيفًا مَجَازِيًّا اسْتُعِيرَ لِتَأْخِيرِ الْبَتِّ فِي شَأْنِهِمْ ، أَيِ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الْقَضَاءِ فِي شَأْنِهِمْ فَلَمْ يَعْذُرْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا آيَسَهُمْ مِنَ التَّوْبَةِ كَمَا آيَسَ الْمُنَافِقِينَ . فَالتَّخْلِيفُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِرْجَاءِ . وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ الْمَرْوِيِّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ : وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الْغَزْوِ وَإِنَّمَا تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقُبِلَ مِنْهُ . اهـ .
يَعْنِي لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ خَلَّفُوا أَنْفُسَهُمْ عَنِ الْغَزْوِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى خَلَّفَهُمْ أَحَدٌ ، أَيْ جَعَلَهُمْ خَلَفًا وَهُوَ تَخْلِيفٌ مَجَازِيٌّ ، أَيْ لَمْ يُقْضَ فِيهِمْ . وَفَاعِلُ التَّخْلِيفِ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ اللَّهُ تَعَالَى .
وَبِنَاءُ فِعْلِ ( خُلِّفُوا ) لِلنَّائِبِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ خَلَّفُوا أَنْفُسَهُمْ .
وَتَعْلِيقُ التَّخْلِيفِ بِضَمِيرِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَابِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِاسْمِ الذَّاتِ . وَالْمُرَادُ : تَعْلِيقُهُ بِحَالٍ مِنْ أَحْوَالِهَا يُعْلَمُ مِنَ السِّيَاقِ ، مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ
وَهَذَا الَّذِي فَسَّرَ
كَعْبٌ بِهِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْغَايَةِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ لِأَنَّ تَخَيُّلَ ضِيقِ الْأَرْضِ عَلَيْهِمْ وَضِيقِ أَنْفُسِهِمْ هُوَ غَايَةٌ لِإِرْجَاءِ أَمْرِهِمُ انْتَهَى عِنْدَهَا التَّخْلِيفُ ، وَلَيْسَ غَايَةً لِتَخَلُّفِهِمْ عَنِ الْغَزْوِ ; لِأَنَّ تَخَلُّفَهُمْ لَا انْتِهَاءَ لَهُ .
[ ص: 53 ] وَضِيقُ الْأَرْضِ : اسْتِعَارَةٌ ، أَيْ حَتَّى كَانَتِ الْأَرْضُ كَالضَّيِّقَةِ عَلَيْهِمْ ، أَيْ عِنْدَهُمْ . وَذَلِكَ التَّشْبِيهُ كِنَايَةٌ عَنْ غَمِّهِمْ وَتَنَكُّرِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ . فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ تَخَيَّلُوا الْأَرْضَ فِي أَعْيُنِهِمْ كَالضَّيِّقَةِ كَمَا قَالَ
الطِّرِمَّاحُ :
مَلَأْتُ عَلَيْهِ الْأَرْضَ حَتَّى كَأَنَّهَا مِنَ الضِّيقِ فِي عَيْنَيْهِ كِفَّةُ حَابِلِ
وَقَوْلُهُ : ( بِمَا رَحُبَتْ ) حَالٌ مِنَ الْأَرْضِ ، وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ ، أَيِ الْأَرْضُ الْمُلَابِسَةُ لِسِعَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ . وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ .
وَ ( رَحُبَتْ ) اتَّسَعَتْ ، أَيْ تَخَيَّلُوا الْأَرْضَ ضَيِّقَةً وَهِيَ الْأَرْضُ الْمَوْصُوفَةُ بِسِعَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ .
وَضِيقُ أَنْفُسِهِمُ : اسْتِعَارَةٌ لِلْغَمِّ وَالْحَزَنِ لِأَنَّ الْغَمَّ يَكُونُ فِي النَّفْسِ بِمَنْزِلَةِ الضِّيقِ . وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْمَحْزُونِ : ضَاقَ صَدْرُهُ ، وَلِلْمَسْرُورِ : شُرِحَ صَدْرُهُ .
وَالظَّنُّ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْيَقِينِ وَالْجَزْمِ ، وَهُوَ مِنْ مَعَانِيهِ الْحَقِيقِيَّةِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=66وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، أَيْ وَأَيْقَنُوا أَنَّ أَمْرَ التَّوْبَةِ عَلَيْهِمْ مَوْكُولٌ إِلَى اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ بِمَا يُوحِي بِهِ إِلَى رَسُولِهِ ، أَيِ الْتَجَئُوا إِلَى اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ . وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ أَنَّهُمْ تَابُوا إِلَى اللَّهِ وَانْتَظَرُوا عَفْوَهُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ وَمَا بَعْدَهُ ، أَيْ حَتَّى وَقَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ .
وَ ( ثُمَّ ) هُنَا لِلْمُهْلَةِ وَالتَّرَاخِي الزَّمَنِيِّ وَلَيْسَتْ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ ; لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ أَرْفَعَ دَرَجَةً مِمَّا قَبْلَهَا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ ، وَهُوَ مُغْنٍ عَنْ جَوَابِ ( إِذَا ) لِأَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنَاهُ ، فَهُوَ بِاعْتِبَارِ الْعَطْفِ تَنْهِيَةٌ لِلْغَايَةِ ، وَبِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ دَالٌّ عَلَى الْجَوَابِ .
وَاللَّامُ فِي ( لِيَتُوبُوا ) لِلتَّعْلِيلِ ، أَيْ تَابَ عَلَيْهِمْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الْمُخَالَفَةِ وَيَتَنَزَّهُوا عَنِ الذَّنْبِ ، أَيْ لِيَدُومُوا عَلَى التَّوْبَةِ ، فَالْفِعْلُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى الدَّوَامِ عَلَى التَّلَبُّسِ بِالْمَصْدَرِ لَا عَلَى إِحْدَاثِ الْمَصْدَرِ .
[ ص: 54 ] وَلَيْسَ الْمُرَادُ لِيُذْنِبُوا فَيَتُوبُوا ، إِذْ لَا يُنَاسِبُ مَقَامُ التَّنْوِيهِ بِتَوْبَتِهِ عَلَيْهِمْ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ تَذْيِيلٌ مُفِيدٌ لِلِامْتِنَانِ .