الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السابعة : في محل الجزية أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : أنها تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو غيرهم .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال ابن القاسم : إذا رضيت الأمم كلها بالجزية قبلت منهم .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : قال ابن الماجشون : لا تقبل .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : قال ابن وهب : لا تقبل من مجوس العرب ، وتقبل من غيرهم .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 478 ] وجه من قال : إنها تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو غيرهم تخصيص الله بالذكر أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                              وأما من قال : إنها تقبل من الأمم كلها فالحديث الصحيح في كتاب مسلم وغيره عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المؤمنين خيرا . ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا . وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال ، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم : ادعهم إلى الدخول في الإسلام ، فإن فعلوا فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول عن دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم بأنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما على المهاجرين ; فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فسلهم الجزية ، وإن هم أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم } .

                                                                                                                                                                                                              وذكرنا في الحديث في البخاري وغيره من الصحيح { أن عمر توقف في أخذ الجزية من المجوس ، حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر } .

                                                                                                                                                                                                              ووجه قول ابن وهب أنه ليس في العرب مجوس ; لأن جميعهم أسلم ، فمن وجد منهم بخلاف الإسلام فهو مرتد ; يقتل بكل حال إن لم يسلم ، ولا يقبل منه جزية .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 479 ] والصحيح قبولها من كل أمة ، وفي كل حال عند الدعاء إليها والإجابة بها .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة : [ محل الجزية ] : ومحلها من المشركين الأحرار البالغون العقلاء دون المجانين ، وهم الذين يقاتلون ، دون النساء والصبيان لذلك .

                                                                                                                                                                                                              واختلف في الرهبان ; فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تؤخذ منهم .

                                                                                                                                                                                                              قال مطرف ، وابن الماجشون : هذا إذا لم يترهب بعد فرضها ، فإن فرضت ، لم يسقطها ترهبه .

                                                                                                                                                                                                              وهذا مبني على قول أبي بكر : وستجد قوما حبسوا أنفسهم لله ، فذرهم وما حبسوا أنفسهم له ، فإذا لم يهيجوا ، ولم يقتلوا لم تطلب منهم جزية ; لأنها بدل عن القتل .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية