الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولو شاء ربك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، عن الضحاك ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ( ولا يزالون مختلفين ) قال : أهل الحق وأهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) قال : أهل الحق ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن ابن عباس ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ) قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في الآية قال لا يزالون مختلفين في الهوى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عطاء بن أبي رباح : [ ص: 171 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ( ولا يزالون مختلفين ) أي اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية وهم الذين رحم ربك الحنيفية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى ( إلا من رحم ربك ) غير مختلفين ( ولذلك خلقهم ) قال : للاختلاف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ( ولا يزالون مختلفين ) قال : أهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) قال : أهل الحق ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عكرمة ( ولا يزالون مختلفين ) قال : اختلاف الملل ( إلا من رحم ربك ) قال : أهل القبلة ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الحسن ( ولا يزالون مختلفين ) قال : في الرزق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في الآية قال : أهل رحمة الله أهل الجماعة وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم وأهل معصيته أهل فرقة وإن اجتمعت [ ص: 172 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ديارهم وأبدانهم ( ولذلك خلقهم ) للرحمة والعبادة ولم يخلقهم للاختلاف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ( ولذلك خلقهم ) قال : خلقهم فريقين : فريقا يرحم فلا يختلف وفريقا لا يرحم يختلف ، وذلك قوله : ( فمنهم شقي وسعيد ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن قريش قال : كنت عند عمرو بن عبيد فجاء رجلان فجلسا فقالا : يا أبا عثمان ما كان الحسن يقول في هذه الآية ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال : كان يقول فريق في الجنة وفريق في السعير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الحسن في قوله : ( ولذلك خلقهم ) قال : خلق هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لعذابه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن أبي نجيح ، أن رجلين اختصما إلى طاوس فاختلفا عليه فقال : اختلفتما علي فقال أحدهما لذلك خلقنا ، قال : كذبت ، قال : أليس الله يقول : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك [ ص: 173 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ولذلك خلقهم
                                                                                                                                                                                                                                      ) قال : إنما خلقهم للرحمة والجماعة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية