الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1206 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن كان له دين حال أو مؤجل فحل فرغب إليه الذي عليه الحق في أن ينظره أيضا إلى أجل مسمى ففعل ، أو أنظره كذلك بغير رغبة وأشهد أو لم يشهد لم يلزمه من ذلك شيء والدين حال يأخذه به متى شاء - وهو قول الشافعي - وهو أيضا قول زفر ، وأبي سليمان ، وأصحابنا .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لو أن امرأ عليه دين مؤجل فأشهد على نفسه : أنه قد أسقط الأجل وجعله حالا ، فإنه لا يلزمه ذلك ، والدين إلى أجله كما كان .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : أن كل ما ذكرنا فإنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وليس شيء من هذا من العقود التي افترض الله تعالى الوفاء بها ، لأن العقود المأمور بالوفاء بها منصوصة الأسماء في القرآن .

                                                                                                                                                                                          ولا خلاف في أن كل العقود لا يلزم الوفاء بها كمن عقد : أن يكفر أو أن يزني .

                                                                                                                                                                                          وكل عقد صح مؤجلا بالقرآن أو السنة ، فلا يجوز البتة إبطال التأجيل إلا بنص آخر .

                                                                                                                                                                                          وكل عقد صح حالا بالقرآن أو السنة ، فلا يجوز ألبتة إبطال الحلول إلا بنص آخر ولا سبيل إلى نص في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : قد قلتم : إنه إن عجل له ما عليه قبل الأجل إن ذلك لازم له لا رجوع فيه ؟ قلنا نعم ، لأنه قد خرج من حقه وصيره إلى غيره ووهبه ، فهذا جائز ، إذ قد أمضاه ، وأما ما لم يمضه فإنما هو وعد ، وقد قدمنا أن الوعد لا يلزم إنجازه فرضا - وبالله تعالى التوفيق . [ ص: 358 ] وقال مالك : يلزمه التأجيل - وقال أبو حنيفة : إن أجله في قرض لم يلزمه وكان له الرجوع ، ويأخذه حالا ، فإن أجله في غصب غصبه إياه أو في سائر الحقوق - ما عدا القرض - لزمه التأجيل .

                                                                                                                                                                                          وهو قول محمد بن الحسن ، وأبي يوسف ، وروي عن أبي يوسف : أنه إن استهلك له مما يكال أو يوزن ثم أجله به فله أن يرجع في ذلك ، ولا يلزمه التأجيل ، فإن استهلك له شاة أو ثوبا فأجله في قيمتهما لزمه التأجيل .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فهل سمع بأسخف من هذه الفروق .

                                                                                                                                                                                          واحتج بعضهم بأن قال : إن التأجيل في أصل القرض لا يصح - فما زاد هذا المحتج على خلاف الله تعالى في قوله : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى }

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وإنما الحجة ما ذكرنا - وبالله تعالى نتأيد .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية