الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ما يبدأ به أهل البغي

قال الله - تعالى - : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما قال أبو بكر أمر الله عند ظهور القتال منهم بالإصلاح بينهما ، وهو أن يدعوا إلى الصلاح والحق وما يوجبه الكتاب والسنة والرجوع عن البغي ، وقوله تعالى : فإن بغت إحداهما على الأخرى يعني - والله أعلم - : إن رجعت إحداهما إلى الحق وأرادت الصلاح وأقامت الأخرى على بغيها وامتنعت من الرجوع فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فأمر - تعالى - بالدعاء إلى الحق قبل القتال ، ثم إن أبت الرجوع قوتلت .

وكذا فعل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بدأ بدعاء الفئة الباغية إلى الحق واحتج عليهم ، فلما أبوا القبول قاتلهم وفي هذه الآية دلالة على أن اعتقاد مذاهب أهل البغي لا يوجب قتالهم ما لم يقاتلوا ؛ لأنه قال : فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإنما أمر بقتالهم إذا بغوا على غيرهم بالقتال ، وكذلك فعل علي بن أبي طالب مع الخوارج ؛ وذلك لأنهم حين اعتزلوا عسكره بعث إليهم عبد الله بن عباس فدعاهم ، فلما أبوا الرجوع ذهب إليهم فحاجهم فرجعت منهم طائفة وأقامت طائفة على أمرها ، فلما دخلوا الكوفة خطب فحكمت الخوارج من نواحي المسجد وقالت : لا حكم إلا لله فقال علي : " كلمة حق يراد بها باطل ، أما إن لهم ثلاثا : أن لا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيها اسمه ، وأن لا نمنعهم حقهم من الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا ، وأن لا نقاتلهم حتى يقاتلونا .

التالي السابق


الخدمات العلمية