الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون )

يعني - جل ثناؤه - بقوله : ولكل جعلنا موالي ، ولكلكم ، أيها الناس " جعلنا موالي " يقول : ورثة من بني عمه وإخوته وسائر عصبته غيرهم .

والعرب تسمي ابن العم " المولى " ومنه قول الشاعر : [ ص: 270 ]

ومولى رمينا حوله وهو مدغل بأعراضنا والمنديات سروع



يعني بذلك : وابن عم رمينا حوله ، ومنه قول الفضل بن العباس :


مهلا بني عمنا مهلا موالينا     لا تظهرن لنا ما كان مدفونا



وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

9258 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا إدريس قال : حدثنا طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : ورثة .

9259 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان ، قال : الموالي العصبة ، يعني الورثة .

9260 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : الموالي العصبة .

[ ص: 271 ] 9261 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : هم الأولياء .

9262 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ولكل جعلنا موالي ، يقول : عصبة .

9263 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : الموالي أولياء الأب ، أو الأخ ، أو ابن الأخ ، أو غيرهما من العصبة .

9264 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ولكل جعلنا موالي ، أما " موالي " فهم أهل الميراث .

9265 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : الموالي : العصبة . هم كانوا في الجاهلية الموالي ، فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسما ، فقال الله تبارك وتعالى : ( فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) [ سورة الأحزاب : 5 ] ، فسموا : " الموالي " قال : و " المولى " اليوم موليان : مولى يرث ويورث ، فهؤلاء ذوو الأرحام - ومولى يورث ولا يرث ، فهؤلاء العتاقة . وقال : ألا ترون قول زكريا : ( وإني خفت الموالي من ورائي ) [ سورة مريم : 5 ] ؟ فالموالي هاهنا الورثة .

ويعني بقوله : مما ترك الوالدان والأقربون ، مما تركه والده وأقرباؤه من الميراث .

[ ص: 272 ] قال أبو جعفر : فتأويل الكلام : ولكلكم ، أيها الناس ، جعلنا عصبة يرثون به مما ترك والده وأقرباؤه من ميراثهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية