الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  274 بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                  ( باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان جواز غسل العريان وحده إلا أن التستر أفضل ، وهذا اللفظ دل على الجواز . قوله : " وحده في خلوة " ، أي : من الناس ، وهذا تأكيد لقوله : " وحده " ، وهما لفظان بحسب المعنى متلازمان ، وانتصاب وحده على الحال . قوله : " ومن تستر " عطف على من اغتسل . قوله : " والستر أفضل " ، جملة اسمية من المبتدأ والخبر ، وموضعها النصب على الحال ، ولا خلاف أن التستر أفضل كما قاله ، وبجواز الغسل عريانا في الخلوة ، قال مالك والشافعي وجمهور العلماء ، ومنعه ابن أبي ليلى ، وحكاه الماوردي وجها لأصحابهم فيما إذا نزل في الماء عريانا بغير مئزر ، واحتج بحديث ضعيف لم يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : لا تدخلوا الماء إلا بمئزر فإن للماء عامرا . وروى ابن وهب ، عن ابن مهدي ، عن خالد بن حميد ، عن بعض أهل الشام ، أن ابن عباس لم يكن يغتسل في بحر ولا نهر إلا وعليه إزار ، وإذا سئل عن ذلك قال : إن له عامرا ، وروى برد عن مكحول عن عطية مرفوعا : من اغتسل بليل في فضاء فليحاذر على عورته ، ومن لم يفعل ذلك وأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه . وفي مرسلات الزهري فيما رواه أبو داود في مراسيله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن تجدوا متوارى ، فإن لم تجدوا متوارى فليخط أحدكم كالدائرة ، ثم يسمي الله تعالى ويغتسل فيه . وروى أبو داود في سننه ، قال : حدثنا ابن نفيل ، قال : حدثنا زهير ، قال عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، عن عطاء ، عن يعلى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر . وأخرجه النسائي أيضا ، ونص أحمد فيما حكاه ابن تيمية على كراهة دخول الماء بغير إزار ، وقال إسحاق : هو بالإزار أفضل لقول الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما ، وقد قيل لهما وقد دخلا الماء عليهما بردان ، فقالا : إن للماء سكانا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية