الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرا ، ولا بيع السلاح في الفتنة ، ولا لأهل الحرب ويحتمل أن يصح مع التحريم ، ولا يصح بيع العبد المسلم لكافر إلا أن يكون ممن يعتق عليه ، فيصح في إحدى الروايتين ، وإن أسلم عبد الذمي أجبر على إزالة ملكه عنه ، وليس له كتابته . . . وقال القاضي : له ذلك .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرا ) قطعا لقوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) [ المائدة : 2 ] وهذا معونة على الإثم فيكون محرما ؛ ولا يصح ؛ لأنه عقد على عين يقصد بها المعصية أشبه إجارة الأمة للزنى أو للغناء ، والمذهب إذا علم ؛ أي : تحقق ، وقيل : أو ظن ، اختاره الشيخ تقي الدين ، وعلم منه أن بيع الخمر وشراءه باطل إجماعا ، ولو من وكيل لخبر ابن عباس رواه الترمذي ( ولا بيع سلاح في الفتنة ) أي : بين المسلمين ؛ لأنه عليه السلام [ ص: 43 ] نهى عنه قاله أحمد قال : وقد يقتل به ولا يقتل به ، وإنما هو ذريعة له ( ولا لأهل الحرب ) أو لقطاع الطريق لما فيه من الإعانة على المعصية ( ويحتمل أن يصح ) في الجميع ( مع التحريم ) كما لو دلس العيب وقاسه ابن المنجا على الصلاة في الدار المغصوبة إذ قيل بصحتها .

                                                                                                                          فرع : لا يصح بيع مأكول ومشموم لمن يشرب عليهما المسكر ، وأقداح لمن يشرب بها ، وجوز وبيض لقمار وأمة وأمرد لوطء دبر أو غناء ، قال أحمد في رجل مات وخلف جارية مغنية وصغيرا وقد احتاج إلى بيعها فقال : يبيعها على أنها ساذجة ، ولا عبرة بنقص قيمتها .

                                                                                                                          ( ولا يصح بيع العبد المسلم لكافر ) نص عليه ؛ لأنه ممنوع من استدامة ملكه عليه ؛ لأن فيه صغارا ، فمنع ابتداؤه كالنكاح والاسترقاق ، وعنه : يؤمر ببيعه أو كتابته ، فإن وكله مسلم فظاهره المنع ، وهو وجه ، والآخر يجوز ؛ لأنه واسطة ، وفي ثالث : إن سمي الموكل في العقد صح ، وفي الواضح إن كفر بعتق وكل من يشتريه له ويعتقه ( إلا أن يكون ممن يعتق عليه ) بالشراء ( فيصح في إحدى الروايتين ) جزم به في " الوجيز " وغيره ؛ لأن ملكه لا يستقر عليه ، ولأنه وسيلة إلى تحصيل حرية المسلم ، والأخرى لا يصح ؛ لأنه ثبوت ملك لكافر على مسلم ؛ فلم يصح ، كما لو لم يعتق عليه وأطلقهما في " المحرر " و " الفروع " ، وعبارته شاملة لمن علق عتقه بشرائه ، وفي شمولها لمن اشتراه بشرط العتق نظر ( وإن أسلم عبد الذمي ) سواء كان بيده ، أو بيد مشتريه فرده عليه بعيب ( أجبر على إزالة ملكه عنه ) ببيع أو هبة أو عتق لقوله تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) [ النساء : 141 ] [ ص: 44 ] ولأن في إبقائه في ملكه صغارا للمسلم ( وليس له كتابته ) على المذهب ؛ لأن الكتابة لا تزيل ملك السيد عنه بل يبقى إلى الأداء ، وهو غير جائز ( وقال القاضي ) : وجزم به في " الوجيز " وصححه في " الرعاية " ( له ذلك ) لأنه سبب لعتقه ، ولأنه يزيل يده عنه أشبه إعتاقه له .

                                                                                                                          تنبيه : إذا قال لآخر اشترني من فلان فإني عبده فاشتراه فبان حرا ، لم يلزمه العهدة حضر البائع أو غاب ، كقوله : اشتر منه عبده هذا ويؤدب هو وبائعه ، لكن ما أخذه المقر غرمه ؛ نص عليهما ، وسأله ابن الحكم عن رجل يقر بالعبودية حتى يباع قال : يؤخذ البائع والمقر بالثمن ، فإن مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن ، واختاره الشيخ تقي الدين ، فإن كان الغار أنثى حدت ولا مهر ؛ نص عليه ، ويلحقه الولد قال في " الفروع " : فلو أقر أنه عبده فرهنه فيتوجه كبيع .




                                                                                                                          الخدمات العلمية