الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون .

                                                                                                                                                                                                                                      تضمنت هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                      الأولى : أن الله - جل وعلا - جعل السماء سقفا ، أي : لأنها للأرض كالسقف للبيت .

                                                                                                                                                                                                                                      الثانية : أنه جعل ذلك السقف محفوظا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 144 ] الثالثة : أن الكفار معرضون عما فيها - أي السماء - من الآيات ، لا يتعظون به ، ولا يتذكرون . وقد أوضح هذه المسائل الثلاث في غير هذا الموضع

                                                                                                                                                                                                                                      أما كونه جعلها سقفا فقد ذكره في سورة " الطور " أنه مرفوع ، وذلك في قوله : والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع [ 52 - 5 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما كون ذلك السقف محفوظا فقد بينه في مواضع من كتابه ، فبين أنه محفوظ من السقوط في قوله : ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه [ 22 \ 65 ] وقوله : ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره [ 30 \ 25 ] وقوله تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا [ 35 \ 41 ] وقوله : وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم [ 2 \ 255 ] وقوله : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين [ 23 \ 17 ] على قول من قال : وما كنا عن الخلق غافلين . إذ لو كنا نغفل لسقطت عليهم السماء فأهلكتهم . وبين أنه محفوظ من التشقق والتفطر ، لا يحتاج إلى ترميم ولا إصلاح كسائر السقوف إذا طال زمنها ، كقوله تعالى : فارجع البصر هل ترى من فطور [ 67 \ 3 ] وقوله تعالى : أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج [ 50 \ 6 ] أي : ليس فيها من شقوق ، ولا صدوع ، وبين أن ذلك السقف المذكور محفوظ من كل شيطان رجيم ، كقوله : وحفظناها من كل شيطان رجيم [ 15 \ 17 ] وقد بينا الآيات الدالة على حفظها من جميع الشياطين في سورة " الحجر " . وأما كون الكفار معرضين عما فيها من الآيات فقد بينه في مواضع من كتابه ، كقوله تعالى : وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون [ 12 \ 105 ] وقوله : وإن يروا آية يعرضوا الآية [ 54 \ 2 ] وقوله : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية [ 10 \ 96 - 97 ] وقوله : وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون [ 10 \ 101 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية