الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        693 [ ص: 265 ] 19 - كتاب الاعتكاف

                                                                                                                        [ ص: 266 ] [ ص: 267 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                        وصلى الله على محمد وآله

                                                                                                                        ( 1 ) باب ذكر الاعتكاف

                                                                                                                        653 - ذكر فيه مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله ، وكان لا يدخل البيت [ ص: 268 ] إلا لحاجة الإنسان .

                                                                                                                        [ ص: 269 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 269 ] 14811 - قال أبو عمر : قد ذكرنا في " التمهيد " اختلاف أصحاب مالك عليه في إسناد هذا الحديث ومتنه ، واختلاف أصحاب ابن شهاب عليه في ذلك أيضا ، وبينا ذلك كله هنالك ، والحمد لله .

                                                                                                                        [ ص: 270 ] [ ص: 271 ] [ ص: 272 ] [ ص: 273 ] 14812 - وأما الاعتكاف في كلام العرب فهو : القيام على الشيء ، والمواظبة عليه ، والملازمة له .

                                                                                                                        14813 - وأما في الشريعة فمعناه : الإقامة على الطاعة وعمل البر على حسب ما ورد من سنن الاعتكاف .

                                                                                                                        14814 - فما أجمع العلماء عليه من ذلك ، أن الاعتكاف جائز الدهر كله ، إلا الأيام التي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامها ، فإنها موضع اختلاف ؛ لاختلافهم في جواز الاعتكاف بغير صوم .

                                                                                                                        14815 - وأجمعوا أن سنة الاعتكاف المندوب إليها : شهر رمضان كله أو بعضه ، وأنه جائز في السنة كلها إلا ما ذكرنا .

                                                                                                                        14816 - وأجمعوا أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد ؛ لقوله تعالى : وأنتم عاكفون في المساجد في الآية المذكورة [ يعني في البقرة : 187 ] .

                                                                                                                        14817 - فذهب قوم إلى أن الآية خرجت على نوع من المساجد ، وإن كان لفظه العموم ، فقالوا : لا اعتكاف إلا في مسجد نبي : كالكعبة ، أو مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو بيت المقدس ، لا غير .

                                                                                                                        14818 - وروي هذا القول عن حذيفة بن اليمان ، وسعيد بن المسيب .

                                                                                                                        14819 - ومن حجتهما ، أن الآية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف في مسجده . وكان القصد والإشارة إلى نوع ذلك المسجد مما بناه نبي .

                                                                                                                        14820 - وقال آخرون : لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة ; لأن [ ص: 274 ] الإشارة في الآيات عندهم إلى ذلك الجنس من المساجد .

                                                                                                                        14821 - روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وابن مسعود . وبه قال عروة بن الزبير ، والحكم بن عتيبة ، وحماد ، والزهري ، وأبو جعفر محمد بن علي وهو أحد قولي مالك .

                                                                                                                        14822 - وقال آخرون : الاعتكاف في كل مسجد جائز .

                                                                                                                        14823 - روي عن سعيد بن جبير ، وأبي قلابة ، وإبراهيم النخعي ، وهمام بن الحارث ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وأبي الأحوص ، والشعبي .

                                                                                                                        14824 - وهو قول الشافعي ، وأبي حنيفة ، والثوري وهو أحد قولي مالك . وبه يقول ابن علية ، وداود ، والطبري .

                                                                                                                        14825 - وحجتهم : حمل الآية على عمومها في كل مسجد .




                                                                                                                        الخدمات العلمية