الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ( 105 ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ( 106 ) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ( 107 ) ) .

هذا تقريع من الله تعالى لأهل النار ، وتوبيخ لهم على ما ارتكبوا من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم ، التي أوبقتهم في ذلك ، فقال : ( ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ) أي : قد أرسلت إليكم الرسل ، وأنزلت الكتب ، وأزلت شبهكم ، ولم يبق لكم حجة تدلون بها كما قال : ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 165 ] ، وقال : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] ، وقال : ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير . قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير . وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير . فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) [ الملك : 8 11 ] ، ولهذا قالوا : ( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ) أي : قد قامت علينا الحجة ، ولكن كنا أشقى من أن ننقاد لها ونتبعها ، فضللنا عنها ولم نرزقها .

ثم قالوا : ( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) أي : ردنا إلى الدار الدنيا ، فإن عدنا إلى ما سلف منا ، فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة ، كما قالوا : ( فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل . ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ) [ غافر : 11 ، 12 ] أي : لا سبيل إلى الخروج; لأنكم كنتم تشركون بالله إذا وحده المؤمنون .

التالي السابق


الخدمات العلمية