الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات سبب نزول هذه الآية ما رواه يحيى بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت : يا رسول الله ما للرجال يذكرون في القرآن ولا تذكر النساء; فنزلت إن المسلمين والمسلمات - الآية وفيها قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يعني بالمسلمين والمسلمات المتذللين والمتذللات . وبالمؤمنين والمؤمنات المصدقين والمصدقات .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهما في الدين ، فعلى هذا في الإسلام والإيمان قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنهما واحد في المعنى وإن اختلفا في الأسماء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهما مختلفان على قولين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الإسلام الإقرار باللسان ، والإيمان التصديق به ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 403 ] الثاني : أن الإسلام هو اسم الدين والإيمان هو التصديق به والعمل عليه .

                                                                                                                                                                                                                                        والقانتين والقانتات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المطيعين والمطيعات ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الداعين والداعيات .

                                                                                                                                                                                                                                        والصادقين والصادقات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الصادقين في إيمانهم والصادقات ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : في عهودهم .

                                                                                                                                                                                                                                        والصابرين والصابرات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : على أمر الله ونهيه ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : في البأساء والضراء .

                                                                                                                                                                                                                                        والخاشعين والخاشعات فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : المتواضعين والمتواضعات ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الخائفين والخائفات : قاله يحيى بن سلام وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : المصلين والمصليات ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        والمتصدقين والمتصدقات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المتصدقين والمتصدقات بأنفسهم في طاعة الله .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بأموالهم . ثم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المؤدين الزكوات المفروضات .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : المتطوعين بأداء النوافل بعد المفروضات ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        والصائمين والصائمات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الإمساك عن المعاصي والقبائح .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عن الطعام والشراب وهو الصوم الشرعي . وفيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : صوم الفرض .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر ، قاله ابن جبير . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (صوم الشهر وثلاثة أيام يذهبن وغر الصدر) .

                                                                                                                                                                                                                                        والحافظين فروجهم والحافظات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 404 ] أحدهما : عن الفواحش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه أراد منافذ الجسد كلها فيحفظون أسماعهم عن اللغو والخنا ، وأفواههم عن قول الزور وأكل الحرام . وفروجهم عن الفواحش .

                                                                                                                                                                                                                                        والذاكرين الله كثيرا والذاكرات فيهم ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : باللسان قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : التالون لكتابه ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : المصلين والمصليات ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما لعلمهم ، قاله ابن جبير ، قال قتادة : وكانت هذه الآية أول آية نزلت في النساء فذكرن بخير .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية