الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) قالت الحنفية : مثل قوله - عليه السلام - : " لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده " . معناه : بكافر . فيقتضي العموم إلا بدليل .

            وهو الصحيح .

            [ ص: 196 ] لنا : لو لم يقدر شيء لامتنع قتله مطلقا ، وهو باطل . فيجب الأول للقرينة .

            التالي السابق


            ش - قالت الحنفية : إذا عطف جملة على جملة أخرى ، والجملة المعطوفة لا يستقيم معناها إلا بتقدير ، وكان في الجملة المعطوف عليها لفظ لو قدر ذلك اللفظ في الجملة الثانية استقام معناها ، وجب تقديره فيها .

            وحينئذ يكون حكم ذلك اللفظ في الجملتين من حيث العموم واحد ، وكذا من حيث الخصوص . إلا إذا دل دليل على خصوص الثانية فقط ، فإنه حينئذ يتعين الخصوص في الثانية فقط .

            مثل قوله - عليه السلام - : " لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده " . فإنه يقدر " بكافر " في الجملة المعطوفة ، وهو قوله - عليه السلام - : " ولا ذو عهد في عهده " .

            وحينئذ يقتضي عمومه فيه ، إلا بدليل .

            [ ص: 197 ] وهو الصحيح عند المصنف .

            خلافا للشافعية .

            واحتج عليه بأنه لو لم يقدر شيء في الثانية ، لزم حرمة قتل ذي العهد مطلقا .

            والتالي باطل ; لأنه يقتل في الجملة بالاتفاق ، فإذا لا بد أن يقدر شيء .

            والمقدر إما أن يكون " بكافر " أو غيره .

            والثاني مدفوع لعدم القرينة . فتعين الأول لتحقق القرينة .

            ولقائل أن يقول : لا نسلم أنه لو لم يقدر شيء لزم حرمة قتله مطلقا . ( وذلك لأن حرمة القتل معلقة بوصف العهد . فإذا انتفى وصف العهد انتفى الحرمة .

            أو تقول : لا نسلم أنه لو لم يقدر شيء لزم حرمة قتله مطلقا ) وإنما يلزم ذلك أن لو لم يتحقق المخصص ، وهو قوله تعالي : ( كتب عليكم القصاص ) .

            ولئن سلم أنه يجب أن يقدر شيء ، فلا نسلم أنه يجب أن يقدر " بكافر " .

            [ ص: 198 ] قوله : لأن غيره مدفوع لعدم القرينة .

            قلنا : ممنوع ، فإن قوله : " ولا ذو عهد في عهده " قرينة تشعر بقولنا : مادام في عهده ، فيقدر ذلك .

            فيكون معناه : ولا يقتل ذو عهد مادام على عهده .

            ( وإذا لم يجب أن يقدر " بكافر " لم يتحقق موافقة المعطوف والمعطوف عليه في العموم والخصوص ) .




            الخدمات العلمية