الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولقد همت به الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد الرزاق ، والفريابي وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما همت به تزينت ثم استلقت على فراشها وهم بها وجلس بين رجليها يحل ثيابه فنودي من السماء : يا بن يعقوب لا تكن كطائر نتف ريشه فبقي لا ريش له فلم يتعظ على النداء شيئا حتى رأى برهان ربه جبريل عليه السلام في صورة يعقوب عاضا على إصبعيه ففزع فخرجت شهوته من أنامله فوثب إلى الباب فوجده مغلقا فرفع يوسف رجله فضرب بها الباب الأدنى فانفرج له واتبعته فأدركته فوضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه فألفيا سيدها لدى الباب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ وأبو نعيم في «الحلية» عن ابن عباس أنه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ قال : حل الهميان - يعني السراويل - وجلس منها مجلس الخاتن فصيح به يا يوسف لا تكن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 224 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في «الحلية» عن علي بن أبي طالب في قوله : ( ولقد همت به وهم بها ) قال : طمعت فيه وطمع فيها وكان من الطمع أن هم بحل التكة فقامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه فقال : أي شيء تصنعين فقالت : أستحي من إلهي أن يراني على هذه الصورة ، فقال يوسف عليه السلام : تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت ، ثم قال : لا تنالينها مني أبدا ، وهو البرهان الذي رأى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : ( وهم بها ) قال : حل سراويله حتى بلغ ثنته وجلس منها مجلس الرجل من امرأته فمثل له يعقوب عليه السلام فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : مثل له يعقوب فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 225 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : رأى صورة أبيه يعقوب في وسط البيت عاضا على إبهامه فأدبر هاربا وقال : وحقك يا أبت لا أعود أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عكرمة وسعيد بن جبير في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن فرأى صورة فيها وجه يعقوب عاضا على أصابعه فدفع صدره فخرجت الشهوة من أنامله فكل ولد يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدا إلا يوسف عليه السلام فإنه نقص بتلك الشهوة ولدا ولم يولد له غير أحد عشر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : تمثل له يعقوب فضرب في صدر يوسف فطارت شهوته من أطراف أنامله فولد لكل ولد يعقوب اثنا عشر ذكرا غير يوسف لم يولد له إلا غلامان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الحسن في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : رأى يعقوب عاضا على أصابعه يقول : يوسف يوسف .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 226 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في الآية قال : رأى آية من آيات ربه حجزه الله بها عن معصيته ، ذكر لنا أنه مثل له يعقوب عاضا على إصبعيه وهو يقول له : يا يوسف أتهم بعمل السفهاء وأنت مكتوب في الأنبياء فذلك البرهان فانتزع الله كل شهوة كانت في مفاصله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن محمد بن سيرين في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : مثل له يعقوب عليه السلام عاضا على إصبعيه يقول : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن اسمك في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد قال : رأى صورة يعقوب عليه السلام في الجدار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن الحسن قال : زعموا أن سقف البيت انفرج فرأى يعقوب عاضا على إصبعيه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 227 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد «الزهد» عن الحسن في قوله : ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) قال : لما هم قيل له : يوسف ارفع رأسك ، فرفع رأسه فإذا هو بصورة في سقف البيت تقول : يا يوسف أنت مكتوب في الأنبياء فعصمه الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن أبي صالح قال : رأى صورة يعقوب في سقف البيت تقول : يوسف يوسف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير من طريق الزهري أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام يعقوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن القاسم بن أبي بزة قال : نودي : يا بن يعقوب لا تكونن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش ، فلم يعرض للنداء وقعد فرفع رأسه فرأى وجه يعقوب عاضا على إصبعه فقام مرعوبا استحياء من أبيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن علي بن بذيمة قال : كان يولد لكل رجل منهم اثنا عشر اثنا عشر إلا يوسف عليه السلام ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 228 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن شمر بن عطية قال : نظر يوسف إلى صورة يعقوب عاضا على إصبعه يقول : يا يوسف فذاك حيث كف وقام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن الضحاك قال : يزعمون أنه مثل له يعقوب عليه السلام فاستحيا منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الأوزاعي قال : كان ابن عباس يقول : في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : رأى آية من كتاب الله نهته مثلت له في جدار الحائط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب القرظي قال : البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام ثلاث آيات من كتاب الله ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) وقول الله ( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ) وقول الله ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن محمد بن كعب قال : رأى في البيت في ناحية الحائط مكتوبا ( ولا تقربوا الزنا إنه كان [ ص: 229 ]

                                                                                                                                                                                                                                      فاحشة وساء سبيلا
                                                                                                                                                                                                                                      ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن وهب بن منبه قال : لما خلا يوسف وامرأة العزيز خرجت كف بلا جسد بينهما مكتوب عليه بالعبرانية ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) ثم انصرفت الكف وقاما مقامهما ثم رجعت الكف بينهما مكتوب عليها بالعبرانية ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) ثم انصرفت الكف وقاما مقامهما فعادت الكف الثالثة مكتوب عليها ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) وانصرفت الكف وقاما مقامهما فعادت الكف الرابعة مكتوب عليها بالعبرانية ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) فولى يوسف عليه السلام هاربا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : ( لولا أن رأى برهان ربه ) قال : آيات ربه رأى تمثال الملك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في «الحلية» عن جعفر بن محمد قال : لما دخل يوسف عليه السلام معها البيت وفي البيت صنم من ذهب قالت : كما أنت حتى أغطي الصنم فإني أستحي منه ، فقال يوسف : هذه تستحي من الصنم أنا أحق أن أستحي من الله ، فكف عنها وتركها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 230 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر في قوله : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) قال : الزنى والثناء القبيح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن الضحاك ( إنه من عبادنا المخلصين ) قال : الذين لا يعبدون مع الله شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية