الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  [ ص: 265 ] باب : فإما منا بعد وإما فداء

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب يذكر فيه التخيير بين المن والفداء في الأسرى لقوله تعالى : فإما منا بعد وإما فداء وأول هذا قوله تعالى : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها

                                                                                                                                                                                  قوله : " فإذا لقيتم " من اللقاء وهو الحرب ، قوله : " فضرب الرقاب " أصله فاضربوا الرقاب ضربا ، فحذف الفعل وقدم المصدر فأنيب مناب الفعل مضافا إلى المفعول ، وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد ، وضرب عبارة عن القتل ; لأن الواجب أن تضرب الرقاب خاصة دون غيرها من الأعضاء ، مع أن في هذه العبارة من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل ، ولقد زاد في هذه الغلظة في قوله : فاضربوا فوق الأعناق

                                                                                                                                                                                  قوله : حتى إذا أثخنتموهم أي أكثرتم قتلهم وأغلظتموه ، من الشيء الثخين وهو الغليظ ، وقيل أثقلتموهم بالقتل والجراح حتى أذهبتم عنهم النهوض ، وقيل : قهرتموهم وغلبتموهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : فشدوا الوثاق وهو بفتح الواو ، اسم ما يوثق به ، قوله : فإما منا منصوب بتقدير فإما تمنون منا ، وكذلك وإما تفدون فداء ، والمعنى التخيير بعد الأسر بين أن يمنوا عليهم فيطلقوهم وبين أن يفادوهم ، وقال الضحاك : قوله تعالى فإما منا بعد وإما فداء ناسخة لقوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ويروى مثله عن ابن عمر ، قال : أليس الله بهذا أمرنا ، قال : حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء وهو قول عطاء والشعبي والحسن البصري كرهوا قتل الأسير ، وقالوا : يمن عليه أو يفادوه ، وبمثل هذا استدل الطحاوي فقال : ظاهر الآية يقتضي المن أو الفداء ويمنع القتل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية