الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فلما سمعت بمكرهن الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : ( فلما سمعت بمكرهن ) قال : بحديثهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سفيان في قوله : ( سمعت بمكرهن ) قال : [ ص: 238 ]

                                                                                                                                                                                                                                      بعملهن ، وقال : كل مكر في القرآن فهو عمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) قال : هيأت لهن مجلسا وكان سنتهم إذا وضعوا المائدة أعطوا كل إنسان سكينا يأكل بها ، ( فلما رأينه ) قال : فلما خرج عليهن يوسف ( أكبرنه ) قال : أعظمنه ونظرن إليه وأقبلن يحززن أيديهن بالسكاكين وهن يحسبن أنهن يقطعن الطعام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ( وأعتدت لهن متكأ ) قال : أعطتهن أترنجا وأعطت كل واحدة منهن سكينا فلما رأين يوسف أكبرنه وجعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترنج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسدد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : المتكأ الأترنج وكان يقرؤها خفيفة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 239 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : ( متكأ ) قال : طعاما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من وجه ثالث عن مجاهد قال : من قرأ ( متكأ ) شدها فهو الطعام ، ومن قرأ ( متكا ) خففها فهو الأترنج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن سلمة بن تمام أبي عبد الله الشقري قال : ( متكأ ) بكلام الحبش يسمون الترنج متكا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن أبان بن تغلب أنه كان يقرأ ( وأعتدت لهن متكا ) مخففة ، قال : الأترنج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) قال : طعام وشراب وتكاء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 240 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة في قوله : ( متكأ ) قال كل شيء يقطع بالسكين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الضحاك مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن زيد قال : أعطتهن ترنجا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين ويأكلن بالعسل فلما قيل له ( اخرج عليهن ) خرج ، ( فلما رأينه ) أعظمنه وتهيمن به حتى جعلن يحززن أيديهن بالسكين وفيها الترنج ولا يعقلن لا يحسبن إلا أنهن يحززن الأترنج قد ذهبت عقولهن مما رأين وقلن ( حاش لله ما هذا بشرا ) ما هكذا يكون البشر ما هذا إلا ملك كريم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم من طريق دريد بن مجاشع عن بعض أشياخه قال : قالت للقيم : أدخله عليهن وألبسه ثيابا بيضا فإن الجميل أحسن ما يكون في البياض ، فأدخله عليهن وهن يحززن ما في أيديهن فلما رأينه حززن أيديهن وهن لا يشعرن من النظر إليه فنظرن إليه مقبلا ثم أومأت إليه أن ارجع ، فنظرن إليه مدبرا وهن يحززن أيديهن بالسكاكين لا يشعرن بالوجع من نظرهن إليه فلما خرج نظرن إلى أيديهن وجاء الوجع فجعلن يولولن ، وقالت لهن : [ ص: 241 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أنتن من ساعة واحدة هكذا صنعتن فكيف أصنع أنا ، ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ من طريق عبد العزيز بن الوزير بن الكميت بن زيد بن الكميت الشاعر قال : حدثني أبي عن جدي قال : سمعت جدي الكميت يقول في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) قال : أمنين ، وأنشد في ذلك :


                                                                                                                                                                                                                                      لما رأته الخيل من رأس شاهق صهلن وأمنين المني المدفقا



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طريق عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) قال : لما خرج عليهن يوسف حضن من الفرح وقال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      نأتي النساء لدى أطهارهن ولا     نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) قال : أعظمنه ( وقطعن أيديهن ) قال : حزا بالسكين حتى ألقينها ( وقلن حاش لله ) قال : [ ص: 242 ]

                                                                                                                                                                                                                                      معاذ الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي داود في «المصاحف» والخطيب في «تالي التلخيص» عن أسيد بن يزيد أن في مصحف عثمان ( وقلن حاش لله ) ليس فيها ألف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأها ( ما هذا بشرى ) أي ما هذا بمشترى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( إن هذا إلا ملك كريم ) قال : قلن ملك من الملائكة من حسنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن زيد بن أسلم قال : لما قررن وطابت أنفسهن قالت لقيمها : آتهن ترنجا وسكينا ، فأتاهن بهن فجعلن يقطعن ويأكلن فقالت : هل لكن في النظر إلى يوسف قلن : ما شئت فأمرت قيمها فأدخله عليهن فلما رأينه جعلن يقطعن أصابعهن مع الأترنج وهن لا يشعرن [ ص: 243 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجدن ألما مما رأين من حسنه فلما ولى عنهن قالت : هذا الذي لمتنني فيه فلقد رأيتكن تقطعن أيديكن وما تشعرن ، قال : فنظرن إلى أيديهن فجعلن يصحن ويبكين ، قالت : فكيف أصنع فقلن : ( حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ( وما نرى عليك من لوم بعد الذي رأينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن منبه عن أبيه قال : مات من النسوة اللاتي قطعن أيديهن تسع عشرة امرأة كمدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والحاكم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطي يوسف وأمه شطر الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود قال أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود قال : كان وجه يوسف مثل [ ص: 244 ]

                                                                                                                                                                                                                                      البرق وكانت المرأة إذا أتت لحاجة ستر وجهه مخافة أن تفتتن به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن ابن مسعود قال : أوتي يوسف عليه السلام وأمه ثلث حسن خلق الناس : في الوجه والبياض وغير ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن إسحاق بن عبد الله قال : كان يوسف عليه السلام إذا سار في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران كما يرى تلألؤ الماء والشمس على الجدران .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل الدنيا وأعطي الناس الثلثين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : قسم الله الحسن عشرة أجزاء فجعل منها ثلاثة أجزاء في حواء وثلاثة أجزاء في سارة وثلاثة أجزاء في يوسف وجزأ في سائر الخلق وكانت سارة من أحسن نساء الأرض [ ص: 245 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وكانت من أشد النساء غيرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ربيعة الجرشي قال : قسم الحسن نصفين فجعل ليوسف وسارة النصف وقسم النصف الآخر بين سائر الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن قال : قسم الحسن ثلاثة أثلاث فأعطي يوسف الثلث وقسم الثلثان بين الناس فكان أحسن الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن عكرمة قال : كان فضل حسن يوسف على الناس كفضل القمر ليلة البدر على نجوم السماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم عن كعب قال : قسم الله ليوسف من الجمال الثلثين وقسم بين عباده الثلث وكان يشبه آدم يوم خلقه الله فلما عصى آدم نزع منه النور والبهاء والحسن ووهب له ثلث من الجمال مع التوبة فأعطى الله ليوسف ذلك الثلثين وأعطاه تأويل الرؤيا ، وإذا تبسم رأيت النور من ضواحكه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية