الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ونوحا منصوب بـ " اذكر " مقدرا ، أي : واذكر نوحا حين نادى من قبل ، أي : من قبل إبراهيم ومن ذكر معه . ونداء نوح هذا المذكور هنا هو المذكور في قوله تعالى : ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين [ 37 - 77 ] وقد أوضح الله هذا النداء بقوله : وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا [ 71 \ 26 - 27 ] وقوله تعالى : كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر [ 54 \ 9 - 11 ] والمراد بالكرب العظيم في الآية : الغرق بالطوفان الذي تتلاطم أمواجه كأنها الجبال العظام ، كما قال تعالى : وهي تجري بهم في موج كالجبال [ 11 \ 42 ] وقال تعالى : فأنجيناه وأصحاب السفينة الآية [ 29 \ 15 ] إلى غير ذلك من الآيات . والكرب : هو أقصى الغم ، والأخذ بالنفس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : فنجيناه وأهله يعني إلا من سبق عليه القول من أهله بالهلاك مع الكفرة الهالكين ، كما قال تعالى : قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول [ 11 \ 40 ] ومن سبق عليه القول منهم : ابنه المذكور في قوله : وحال بينهما الموج فكان من المغرقين [ 11 \ 43 ] وامرأته المذكورة في قوله : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح إلى قوله : ادخلا النار مع الداخلين . [ 66 \ 10 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية