الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : يدنين عليهن من جلابيبهن فيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أن الجلباب الرداء ، قاله ابن مسعود والحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه القناع; قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 424 ] الثالث : أنه كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها ، قاله قطرب . وفي إدناء جلابيبهن عليهن قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن تشده فوق رأسها وتلقيه فوق خمارها حتى لا ترى ثغرة نحرها ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن تغطي وجهها حتى لا تظهر إلا عينها اليسرى ، قاله عبيدة السلماني .

                                                                                                                                                                                                                                        ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : ليعرفن من الإماء بالحرية .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يعرفن من المتبرجات بالصيانة . قال قتادة : كانت الأمة إذا مرت تناولها المنافقون بالأذى فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض فيهم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنهم الزناة ، قاله عكرمة والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أصحاب الفواحش والقبائح ، قاله سلمة بن كهيل . وفي قوله : لئن لم ينته المنافقون قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : عن إيذاء نساء المسلمين قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عن إظهار ما في قلوبهم من النفاق ، قاله الحسن وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        والمرجفون في المدينة فيهم ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنهم الذين يكاثرون النساء ويتعرضون لهن ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهم الذين يذكرون من الأخبار ما يضعف به قلوب المؤمنين وتقوى به قلوب المشركين قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أن الإرجاف التماس الفتنة ، قاله ابن عباس ، وسميت الأراجيف لاضطراب الأصوات بها وإفاضة الناس فيها .

                                                                                                                                                                                                                                        لنغرينك بهم فيه ثلاثة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معناه لنسلطنك عليهم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 425 ] الثاني : لنعلمنك بهم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : لنحملنك على مؤاخذتهم ، وهو معنى قول قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا قيل بالنفي عنها ، وقيل الذي استثناه ما بين قوله لهم اخرجوا وبين خروجهم .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : سنة الله في الذين خلوا من قبل فيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : يعني سنته فيهم أن من أظهر الشرك قتل ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : سنته فيهم أن من زنى حد ، وهو معنى قول السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : سنته فيهم أن من أظهر النفاق أبعد ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        ولن تجد لسنة الله تبديلا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يعني تحويلا وتغييرا ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يعني أن من قتل بحق فلا دية له على قاتله ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية