[ ص: 16 ] فصل والسبب الذي أوقع هؤلاء في الكفر ببعض ما أنزله هو من جنس ما أوقع الأولين في الكفر بجميع
nindex.php?page=treesubj&link=29434_29433ما أنزل الله في كثير من المواضع فإن من تأمل وجد شبه
اليهود والنصارى ومن تبعهم من الصابئين في الكفر بما أنزل الله على
محمد صلى الله عليه وسلم هي من جنس شبه
المشركين والمجوس ومن معهم من الصابئين في الكفر بجنس الكتاب وبما أنزل الله على رسله في كثير من المواضع ; فإنهم يعترضون على آياته وعلى الكتاب الذي أنزل معه وعلى الشريعة التي بعث بها وعلى سيرته بنحو مما اعترض به على سائر الرسل : مثل
موسى وعيسى كما قال الله تعالى في جميعهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا } وفي الآية الأخرى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون } .
[ ص: 17 ] هذا مع أن السلطان الذي أيد الله به رسوله من أنواع الحجج المعجزات وأنواع القدر الباهرات أعظم مما أيد به غيره ونبوته هي التي طبق نورها مشارق الأرض ومغاربها وبه ثبتت نبوات من تقدمه وتبين الحق من الباطل وإلا فلولا رسالته لكان الناس في ظلمات بعضها فوق بعض وأمر مريج يؤفك عنه من أفك : الكتابيون منهم والأميون ; ولهذا لما كان ما يقال له إلا ما قد قيل للرسل من قبله : أمره الله سبحانه باستشهاد
أهل الكتاب على مثل ما جاء به .
وهذا من بعض حكمة إقرارهم بالجزية كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } وفي الآية الأخرى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=8وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام } الآية . ومثل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=10قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } .
وجماع شبه هؤلاء الكفار : أنهم قاسوا الرسول على من فرق الله بينه وبينه وكفروا بفضل الله الذي اختص به رسله فأتوا من
[ ص: 18 ] جهة القياس الفاسد . ولا بد في القياس من قدر مشترك بين المشبه والمشبه به : مثل جنس الوحي والتنزيل ; فإن الشياطين ينزلون على أوليائهم ويوحون إليهم كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم } وقال سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=221هل أنبئكم على من تنزل الشياطين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=222تنزل على كل أفاك أثيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=223يلقون السمع وأكثرهم كاذبون } .
وقال تعالى : في ال " طس " وقد افتتح كلا منهن بقصة
موسى وتكليم الله إياه وإرساله إلى
فرعون فإنها أعظم القصص كما قدمناه فقال في سورة الشعراء المحتوية على قصص المرسلين واحدا بعد واحد وهي " سبع " : قصة
موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ثم قال عن القرآن : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=226وأنهم يقولون ما لا يفعلون } فذكر الفرق بينه وبين من تنزل عليه الشياطين من الكهان والمتنبئين ونحوهم وبين الشعراء ; لأن الكاهن قد يخبر بغيب بكلام مسجوع والشاعر أيضا يأتي بكلام منظوم يحرك به النفوس فإن قرين الشيطان مادته من الشيطان ويعين الشيطان بكذبه وفجوره . والشاعر مادته من نفسه وربما أعانه الشيطان .
فأخبر أن الشياطين إنما تنزل على من يناسبها وهو : الكاذب في قوله الفاجر في عمله ; بخلاف الصادق البر وأن الشعراء إنما يحركون
[ ص: 19 ] النفوس إلى أهوائها فيتبعهم الغاوون وهم الذين يتبعون الأهواء وشهوات الغي فنفى كلا منهما بانتفاء لازمه وبين ما يجتمع فيه شياطين الإنس والجن .
[ ص: 16 ] فَصْلٌ وَالسَّبَبُ الَّذِي أَوْقَعَ هَؤُلَاءِ فِي الْكُفْرِ بِبَعْضِ مَا أَنْزَلَهُ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا أَوْقَعَ الْأَوَّلِينَ فِي الْكُفْرِ بِجَمِيعِ
nindex.php?page=treesubj&link=29434_29433مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ وَجَدَ شُبَهَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الصَّابِئِينَ فِي الْكُفْرِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِنْ جِنْسِ شُبَهِ
الْمُشْرِكِينَ وَالْمَجُوسِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الصَّابِئِينَ فِي الْكُفْرِ بِجِنْسِ الْكِتَابِ وَبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رُسُلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ ; فَإِنَّهُمْ يَعْتَرِضُونَ عَلَى آيَاتِهِ وَعَلَى الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ وَعَلَى الشَّرِيعَةِ الَّتِي بُعِثَ بِهَا وَعَلَى سِيرَتِهِ بِنَحْوِ مِمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى سَائِرِ الرُّسُلِ : مِثْلِ
مُوسَى وَعِيسَى كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَمِيعِهِمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا } وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إنْ فِي صُدُورِهِمْ إلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } .
[ ص: 17 ] هَذَا مَعَ أَنَّ السُّلْطَانَ الَّذِي أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُجَجِ الْمُعْجِزَاتِ وَأَنْوَاعِ القدر الْبَاهِرَاتِ أَعْظَمُ مِمَّا أَيَّدَ بِهِ غَيْرَهُ وَنُبُوَّتُهُ هِيَ الَّتِي طَبَّقَ نُورُهَا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَبِهِ ثَبَتَتْ نُبُوَّاتُ مَنْ تَقَدَّمَهُ وَتَبَيَّنَ الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ وَإِلَّا فَلَوْلَا رِسَالَتُهُ لَكَانَ النَّاسُ فِي ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَأَمْرٍ مَرِيجٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ : الْكِتَابِيُّونَ مِنْهُمْ وَالْأُمِّيُّونَ ; وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ مَا يُقَالُ لَهُ إلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ : أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِاسْتِشْهَادِ
أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مَثَلِ مَا جَاءَ بِهِ .
وَهَذَا مِنْ بَعْضِ حِكْمَةِ إقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلَّا رِجَالًا نُوحِي إلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ } وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلَّا رِجَالًا نُوحِي إلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=8وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ } الْآيَةَ . وَمِثْلُ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=10قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ } .
وَجِمَاعُ شُبَهِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ : أَنَّهُمْ قَاسُوا الرَّسُولَ عَلَى مَنْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَكَفَرُوا بِفَضْلِ اللَّهِ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ رُسُلَهُ فَأُتُوا مِنْ
[ ص: 18 ] جِهَةِ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ . وَلَا بُدَّ فِي الْقِيَاسِ مِنْ قَدْرٍ مُشْتَرِكٍ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ : مِثْلُ جِنْسِ الْوَحْي وَالتَّنْزِيلِ ; فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يَنْزِلُونَ عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُوحُونَ إلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } وَقَالَ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=221هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=222تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=223يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } .
وَقَالَ تَعَالَى : فِي الْ " طس " وَقَدْ افْتَتَحَ كُلًّا مِنْهُنَّ بِقِصَّةِ
مُوسَى وَتَكْلِيمِ اللَّهِ إيَّاهُ وَإِرْسَالِهِ إلَى
فِرْعَوْنَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْقِصَصِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَقَالَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى قِصَصِ الْمُرْسَلِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَهِيَ " سَبْعٌ " : قِصَّةُ
مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ ثُمَّ قَالَ عَنْ الْقُرْآنِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=226وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } فَذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَنَزَّلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ مِنْ الْكُهَّانِ والمتنبئين وَنَحْوِهِمْ وَبَيْنَ الشُّعَرَاءِ ; لِأَنَّ الْكَاهِنَ قَدْ يُخْبِرُ بِغَيْبِ بِكَلَامِ مَسْجُوعٍ وَالشَّاعِرُ أَيْضًا يَأْتِي بِكَلَامِ مَنْظُومٍ يُحَرِّكُ بِهِ النُّفُوسَ فَإِنَّ قَرِينَ الشَّيْطَانِ مَادَّتُهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَيُعِينُ الشَّيْطَانُ بِكَذِبِهِ وَفُجُورِهِ . وَالشَّاعِرُ مَادَّتُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَرُبَّمَا أَعَانَهُ الشَّيْطَانُ .
فَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ إنَّمَا تَنَزَّلُ عَلَى مَنْ يُنَاسِبُهَا وَهُوَ : الْكَاذِبُ فِي قَوْلِهِ الْفَاجِرُ فِي عَمَلِهِ ; بِخِلَافِ الصَّادِقِ الْبَرِّ وَأَنَّ الشُّعَرَاءَ إنَّمَا يُحَرِّكُونَ
[ ص: 19 ] النُّفُوسَ إلَى أَهْوَائِهَا فَيَتْبَعُهُمْ الْغَاوُونَ وَهُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْأَهْوَاءَ وَشَهَوَاتِ الْغَيِّ فَنَفَى كُلًّا مِنْهُمَا بِانْتِفَاءِ لَازِمِهِ وَبَيَّنَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ .