الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
طائر الصيد

( قال الشافعي ) الطائر صنفان حمام وغير حمام ، فما كان منه حماما ذكرا أو أنثى ففدية الحمامة منه شاة اتباعا وأن العرب لم تزل بين الحمام وغيره من الطائر وتقول الحمام سيد الطائر ، والحمام كل ما هدر وعب في الماء وهي تسميه أسماء جماعة الحمام ، وتفرق به بعد أسماء وهي الحمام واليمام والدباسي والقماري والفواخت وغيره مما هدر أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه قضى في حمامة من حمام مكة بشاة .

( قال الشافعي ) وقال ذلك عمر وعثمان ونافع بن عبد الحارث وعبد الله بن عمر وعاصم بن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء ( قال ) وهذا إذا أصيبت بمكة أو أصابها المحرم ( قال ) وما كان من الطائر ليس بحمام ففيه قيمته في الموضع الذي يصاب فيه

قلت : أو كسرت ( قال الشافعي ) أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن بكير بن عبد الله عن القاسم عن ابن عباس أن رجلا سأله عن محرم أصاب جرادة فقال : يتصدق بقبضة من طعام وقال ابن عباس : وليأخذن بقبضة جرادات ولكن على ذلك رأي ( قال الشافعي ) وقال عمر في الجرادة تمرة .

( قال الشافعي ) وكل ما فدى من الصيد فباض مثل النعامة والحمامة وغيرها فأصيب بيضه ففيه قيمته في الموضع الذي يصاب فيه كقيمته لو أصيب لإنسان وما أصيب من الصيد لإنسان فعلى المحرم قيمته دراهم أو دنانير لصاحبه وجزاؤه للمساكين وما أصاب المحرم من الصيد في الحل والحرم قارنا كان أو مفردا أو معتمرا فجزاؤه واحد لا يزاد عليه في تباعد الحرم عليه ; لأن قليل الحرم وكثيره سواء إذ منع بها الصيد ، وكل ما أصاب المحرم إلى أن يخرج من إحرامه مما عليه فيه الفدية فداه وخروجه من العمرة بالطواف والسعي والحلق أو التقصير ، وخروجه من الحج خروجان :

فالأول الرمي والحلاق فلو أصاب صيدا خارجا من الحرم لم يكن عليه جزاؤه ; لأنه قد خرج من جميع إحرامه إلا النساء وهكذا لو طاف بالبيت أو حلق بعد عرفة وإن لم يرم ، ويأكل المحرم الصيد ما لم يصده أو يصد له ( قال الشافعي ) أخبرنا ابن أبي يحيى عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لحم الصيد حلال لكم في الإحرام ما لم تصيدوه أو يصد لكم } ( قال الشافعي ) وهكذا رواه سليمان بن بلال ( قال الشافعي ) وأخبرنا الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لحم الصيد حلال لكم في الإحرام ما لم تصيدوه أو يصد لكم } .

( قال الشافعي ) ابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي ( قال الشافعي ) ولو [ ص: 229 ] أن محرما صيد من أجله صيد فذبحه غيره فأكله هو أكل محرما عليه ولم يكن عليه جزاؤه ; لأن الله - تعالى - إنما جعل جزاءه بقتله وهو لم يقتله وقد يأكل الميتة ، وهي محرمة فلا يكون عليه جزاء ولو دل محرم حلالا على صيد أو أعطاه سلاحا أو حمله على دابة ليقتله فقتله لم يكن عليه جزاء وكان مسيئا كما أنه لو أمره بقتل مسلم كان القصاص على القاتل لا على الآمر ، وكان الآمر آثما ( قال ) ولو صاد حلال صيدا فاشتراه منه محرم أو اتهبه فذبحه كان عليه جزاؤه ; لأنه قاتل له ، والحلال يقتل الصيد في الحرم مثل المحرم يقتله في الحرم والإحرام ويجزيه إذا قتله .

التالي السابق


الخدمات العلمية