nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23nindex.php?page=treesubj&link=28981يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون
استئناف خطاب للمشركين وهم الذين يبغون في الأرض بغير الحق .
وافتتح الخطاب بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23يا أيها الناس لاستصغاء أسماعهم . والمقصود من هذا تحذير المشركين ثم تهديدهم .
وصيغة قصر البغي على الكون مضرا بهم كما هو مفاد حرف الاستعلاء تنبيه على حقيقة واقعية وموعظة لهم ليعلموا أن
nindex.php?page=treesubj&link=28675التحذير من الشرك والتهديد عليه لرعي صلاحهم لا لأنهم يضرونه كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=39ولا تضروه شيئا . فمعنى على الاستعلاء المجازي المكنى به عن الإضرار لأن المستعلي الغالب يضر بالمغلوب المستعلى عليه ، ولذلك يكثر أن يقولوا : هذا الشيء عليك ، وفي ضده : هذا الشيء لك ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها . ويقول المقر : لك علي كذا . وقال
توبة بن الحمير .
وقد زعمت ليلى بأني فاجر لنفسي تقاها أو عليها فجورها
وقال
السموأل اليهودي :
ألي الفضل أم علي إذا حو سبت إني على الحساب مقيت
وذلك أن على تدل على الإلزام والإيجاب ، واللام تدل على الاستحقاق . وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341940والقرآن حجة لك أو عليك .
فالمراد بالأنفس أنفس الباغين باعتبار التوزيع بين أفراد معاد ضمير الجماعة المخاطبين في قوله : بغيكم وبين أفراد الأنفس ، كما في قولهم " ركب القوم دوابهم " أي ،
[ ص: 140 ] ركب كل واحد دابته . فالمعنى إنما بغي كل أحد على نفسه ; لأن الشرك لا يضر إلا بنفس المشرك باختلال تفكيره وعمله ثم بوقوعه في العذاب .
و متاع مرفوع في قراءة الجمهور على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي هو متاع الحياة الدنيا ، وقرأه
حفص عن
عاصم بالنصب على الحال من بغيكم . ويجوز أن يكون انتصابه على الظرفية للبغي ; لأن البغي مصدر مشتق فهو كالفعل فناب المصدر عن الظرف بإضافته إلى ما فيه معنى المدة . وتوقيت البغي بهذه المدة باعتبار أنه ذكر في معرض الغضب عليهم ، فالمعنى أنه أمهلكم إمهالا طويلا فهلا تتذكرون فلا تحسبون الإمهال رضى بفعلكم ولا عجزا وسيؤاخذكم به في الآخرة . وفي كلتا القراءتين وجوه غير ما ذكرنا .
والمتاع : ما ينتفع به انتفاعا غير دائم . وقد تقدم عند قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين في سورة الأعراف . والمعنى على كلتا القراءتين واحد ، أي أمهلناكم على إشراككم مدة الحياة لا غير ثم نؤاخذكم على بغيكم عند مرجعكم إلينا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23ثم إلينا مرجعكم عطفت بـ ثم لإفادة التراخي الرتبي لأن مضمون هذه الجملة أصرح تهديدا من مضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إنما بغيكم على أنفسكم
وتقديم المجرور في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إلينا مرجعكم لإفادة الاختصاص ، أي ترجعون إلينا لا إلى غيرنا تنزيلا للمخاطبين منزلة من يظن أنه يرجع إلى غير الله لأن حالهم في التكذيب بآياته والإعراض عن عبادته إلى عبادة الأصنام كحال من يظن أنه يحشر إلى الأصنام وإن كان المشركون ينكرون البعث من أصله .
وتفريع
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23فننبئكم على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إلينا مرجعكم تفريع وعيد على تهديد . واستعمل الإنباء كناية عن الجزاء لأن الإنباء يستلزم العلم بأعمالهم السيئة ، والقادر إذا علم بسوء صنيع عبده لا يمنعه من عقابه مانع . وفي ذكر كنتم والفعل المضارع دلالة على تكرر عملهم وتمكنه منهم . والوعيد الذي جاءت به هذه الآية وإن كان في شأن أعظم البغي فكان لكل آت من البغي بنصيب حظ من هذا الوعيد .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23nindex.php?page=treesubj&link=28981يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
اسْتِئْنَافُ خِطَابٍ لِلْمُشْرِكِينَ وَهُمُ الَّذِينَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ .
وَافْتُتِحَ الْخِطَابُ بـِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23يَا أَيُّهَا النَّاسُ لِاسْتِصْغَاءِ أَسْمَاعِهِمْ . وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا تَحْذِيرُ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ تَهْدِيدُهُمْ .
وَصِيغَةُ قَصْرِ الْبَغْيِ عَلَى الْكَوْنِ مُضِرًّا بِهِمْ كَمَا هُوَ مُفَادُ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ تَنْبِيهً عَلَى حَقِيقَةٍ وَاقِعِيَّةٍ وَمَوْعِظَةٍ لَهُمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675التَّحْذِيرَ مِنَ الشِّرْكِ وَالتَّهْدِيدِ عَلَيْهِ لِرَعْيِ صَلَاحِهِمْ لَا لِأَنَّهُمْ يَضُرُّونَهُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=39وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا . فَمَعْنَى عَلَى الِاسْتِعْلَاءُ الْمَجَازِيُّ الْمُكَنَّى بِهِ عَنِ الْإِضْرَارِ لِأَنَّ الْمُسْتَعْلِي الْغَالِبُ يَضُرُّ بِالْمَغْلُوبِ الْمُسْتَعْلَى عَلَيْهِ ، وَلِذَلِكَ يَكْثُرُ أَنْ يَقُولُوا : هَذَا الشَّيْءُ عَلَيْكَ ، وَفِي ضِدِّهِ : هَذَا الشَّيْءُ لَكَ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا . وَيَقُولُ الْمُقِرُّ : لَكَ عَلَيَّ كَذَا . وَقَالَ
تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ .
وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّي فَاجِرٌ لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا
وَقَالَ
السَّمَوْأَلُ الْيَهُودِيُّ :
أَلِيَ الْفَضْلُ أَمْ عَلَيَّ إِذَا حُو سِبْتُ إِنِّي عَلَى الْحِسَابِ مُقِيتُ
وَذَلِكَ أَنَّ عَلَى تَدُلُّ عَلَى الْإِلْزَامِ وَالْإِيجَابِ ، وَاللَّامُ تَدَلُّ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ . وَفِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341940وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ .
فَالْمُرَادُ بِالْأَنْفُسِ أَنْفُسُ الْبَاغِينَ بِاعْتِبَارِ التَّوْزِيعِ بَيْنَ أَفْرَادِ مُعَادِ ضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ الْمُخَاطَبِينَ فِي قَوْلِهِ : بَغْيُكُمْ وَبَيْنَ أَفْرَادِ الْأَنْفُسِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ " رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ " أَيْ ،
[ ص: 140 ] رَكِبَ كُلُّ وَاحِدٍ دَابَّتَهُ . فَالْمَعْنَى إِنَّمَا بَغْيُ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى نَفْسِهِ ; لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يَضُرُّ إِلَّا بِنَفْسِ الْمُشْرِكِ بِاخْتِلَالِ تَفْكِيرِهِ وَعَمَلِهِ ثُمَّ بِوُقُوعِهِ فِي الْعَذَابِ .
وَ مَتَاعُ مَرْفُوعٌ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هُوَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَقَرَأَهُ
حَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنْ بَغْيُكُمْ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِلْبَغْيِ ; لِأَنَّ الْبَغْيَ مَصْدَرٌ مُشْتَقُّ فَهُوَ كَالْفِعْلِ فَنَابَ الْمَصْدَرُ عَنِ الظَّرْفِ بِإِضَافَتِهِ إِلَى مَا فِيهِ مَعْنَى الْمُدَّةِ . وَتَوْقِيتُ الْبَغْيِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي مَعْرِضِ الْغَضَبِ عَلَيْهِمْ ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَمْهَلَكُمْ إِمْهَالًا طَوِيلًا فَهَلَّا تَتَذَكَّرُونَ فَلَا تَحْسَبُونَ الْإِمْهَالَ رِضًى بِفِعْلِكُمْ وَلَا عَجْزًا وَسَيُؤَاخِذُكُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ . وَفِي كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ وُجُوهٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا .
وَالْمَتَاعُ : مَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا غَيْرَ دَائِمٍ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَالْمَعْنَى عَلَى كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ ، أَيْ أَمْهَلْنَاكُمْ عَلَى إِشْرَاكِكُمْ مُدَّةَ الْحَيَاةِ لَا غَيْرَ ثُمَّ نُؤَاخِذُكُمْ عَلَى بَغْيِكُمْ عِنْدَ مَرْجِعِكُمْ إِلَيْنَا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ عُطِفَتْ بـِ ثُمَّ لِإِفَادَةِ التَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ لِأَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَصْرَحُ تَهْدِيدًا مِنْ مَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ ، أَيْ تَرْجِعُونَ إِلَيْنَا لَا إِلَى غَيْرِنَا تَنْزِيلًا لِلْمُخَاطَبِينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ لِأَنَّ حَالَهُمْ فِي التَّكْذِيبِ بِآيَاتِهِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ عِبَادَتِهِ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ كَحَالِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحْشَرُ إِلَى الْأَصْنَامِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ مِنْ أَصْلِهِ .
وَتَفْرِيعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23فَنُنَبِّئُكُمْ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ تَفْرِيعُ وَعِيدٍ عَلَى تَهْدِيدٍ . وَاسْتُعْمِلَ الْإِنْبَاءُ كِنَايَةً عَنِ الْجَزَاءِ لِأَنَّ الْإِنْبَاءَ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِأَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ ، وَالْقَادِرُ إِذَا عَلِمَ بِسُوءِ صَنِيعِ عَبْدِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ عِقَابِهِ مَانِعٌ . وَفِي ذِكْرِ كُنْتُمْ وَالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ دَلَالَةٌ عَلَى تَكَرُّرِ عَمَلِهِمْ وَتَمَكُّنِهِ مِنْهُمْ . وَالْوَعِيدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَ فِي شَأْنِ أَعْظَمِ الْبَغْيِ فَكَانَ لِكُلِّ آتٍ مِنَ الْبَغْيِ بِنَصِيبٍ حَظٌّ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ .