الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      147- وقال: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 185 ] إذا جعلت: (ماذا) بمنزلة (ما). وإن جعلت: (ماذا) بمنزلة "الذي" قلت: (قل العفو) والأولى منصوبة وهذه مرفوعة كأنه قال: (ما الذي ينفقون) فقال: "الذي ينفقون العفو". وإذا نصبت فكأنه قال: "ما ينفقون؟" فقال: "ينفقون العفو" لأن: (ما) إذا لم تجعل بمنزلة "الذي" فـ "العفو" منصوب بـ "ينفقون".

                                                                                                                                                                                                                      وإن جعل بمنزلة "الذي" فهو مرفوع بخبر الابتداء كما قال: (ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) جعل: (ماذا) بمنزلة "الذي" وقال: (ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا) جعل: (ماذا) بمنزلة "ما". وقد تكون إذا جعلها بمنزلة "ما" وحدها الرفع على المعنى. لأنه لو قيل له: "ما صنعت"؟ فقال: "خير"، أي: الذي صنعت خير، لم يكن به بأس. ولو نصبت إذا جعلت "ذا" بمنزلة "الذي" كان أيضا جيدا لأنه لو قيل لك: "ما الذي صنعت" فقلت: "خيرا" أي: صنعت خيرا. كان صوابا. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                      (150) دعي ماذا علمت سأتقيه ولكن بالمغيب نبئيني

                                                                                                                                                                                                                      جعل "ما" و"ذا" بمنزلة "ما" وحدها، ولا يجوز أن يكون "ذا" بمنزلة

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 186 ] "الذي" في هذا البيت لأنك لو قلت: "دعي ما الذي علمت" لم يكن كلاما. وقال أهل التأويل في قوله: (ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) لأن الكفار جحدوا أن يكون ربهم أنزل شيئا فقالوا لهم: "ما تقولون أنتم: أساطير الأولين" أي: "الذي تقولون أنتم أساطير الأولين" ليس على: "أنزل ربنا أساطير الأولين". وهذا المعنى فيما نرى والله أعلم - كما قال: (وإن تخالطوهم فإخوانكم) [220] أي: فهم إخوانكم.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية