الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              59 [ ص: 252 ] 2 - باب: من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث، ثم أجاب السائل

                                                                                                                                                                                                                              59 - حدثنا محمد بن سنان قال: حدثنا فليح ح. وحدثني إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فليح قال: حدثني أبي قال: حدثني هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: "أين -أراه- السائل عن الساعة؟ ". قال: ها أنا يا رسول الله. قال: " فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة". قال: كيف إضاعتها؟ قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة". [6496 - فتح: 1 \ 141]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثنا محمد بن سنان، ثنا فليح وحدثني إبراهيم بن المنذر، ثنا محمد بن فليح، ثنا أبي ثنا هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: "أين -أراه- السائل عن الساعة؟ ". قال: ها أنا يا رسول الله. قال: "فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة". قال: كيف إضاعتها؟ قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".

                                                                                                                                                                                                                              الكلام عليه من وجوه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها: في التعريف برجاله:

                                                                                                                                                                                                                              أما أبو هريرة فسلف، وأما الراوي عنه فكذلك، وهو: عطاء بن يسار وإن كرره شيخنا قطب الدين في "شرحه"، وأما الراوي عنه فهو [ ص: 253 ] هلال (ع)، بن أبي ميمونة، وقيل: ابن أبي هلال علي قاله البخاري، وقيل: هلال بن أسامة، نسبة إلى جده الفهري، سمع أنسا وغيره. قال أبو حاتم: يكتب حديثه وهو شيخ. قال الواقدي: مات في آخر خلافة هشام.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الراوي عنه فهو فليح (ع) بن سليمان العدوي مولاهم (المدني) روى عن نافع وغيره، وعنه ابنه محمد وغيره. قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي : ليس بالقوي. وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به. وقد اعتمده البخاري في "صحيحه"، وقال الحاكم: اجتماعه مع مسلم في إخراجهما عنه (في الأصول) يؤكد أمره ويسكن القلب فيه إلى تعديله، مات سنة ثمان وستين ومائة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 254 ] وأما الراوي عنه فهو: ولده محمد (خ. س. ق) روى عن هشام بن عروة، وغيره وعنه: هارون بن موسى الفروي وغيره، لينه ابن معين .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حاتم: ما به بأس، ليس بذاك القوي مات سنة سبع وتسعين ومائة.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الراوي عنه فهو إبراهيم (خ. د. ت. ق) بن المنذر الحزام -بالحاء والزاي- الأسدي أحد العلماء بالمدينة، روى عن ابن وهب وابن عيينة وعدة، وعنه خلق. منهم: البخاري وابن ماجه، وروى البخاري، عن محمد بن غالب عنه، وروى النسائي عن رجل عنه، وأخرج له الترمذي أيضا، صدوق، قال النسائي : ليس به بأس، مات سنة ست، وقيل: خمس وثلاثين ومائتين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 255 ] وأما محمد بن سنان (خ. د. ت. ق) فهو: أبو بكر العوقي -بفتح العين المهملة وقبل الياء قاف، ولم يكن من العوقة وهم حي من عبد القيس، وإنما نزل فيهم، كانت لهم محلة في البصرة فنزل عندهم فنسب إليهم.

                                                                                                                                                                                                                              روى عن فليح و (همام) وغيرهما وعنه: البخاري وأبو داود وخلق.

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو حاتم: صدوق. وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه عن رجل عنه، مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الأعرابي لا يحضرني اسمه فليبحث عنه.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              تأخيره -عليه السلام- جواب السائل إلى أن قضى حديثه يحتمل; لأنه قد شرع في جواب سائل سأله متقدم فكان أحق بتمامه ولو قطعه قد لا يحصل للسائل فائدة جوابه أو كانت الحاجة إليه أمس فخاف فوته.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 256 ] رابعها:

                                                                                                                                                                                                                              معنى: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله" أي: تولاه غير أهل الدين والأمانة ومن يعينهم على الظلم والفجور، وعند ذلك يكون الأئمة قد ضيعوا الأمانة التي فرض الله عليهم حتى يؤتمن الخائن ويستخون الأمين وهذا إنما يكون عند غلبة الجهل وضعف أهل الحق عن القيام به، نسأل الله العافية.

                                                                                                                                                                                                                              خامسها: في أحكامه:

                                                                                                                                                                                                                              الأول: أن من آداب المتعلم أن لا يسأل العالم مادام مشتغلا بحديث أو غيره; لأن من حق القوم الذين بدأ بحديثهم أن لا يقطعه عنهم حتى يتمه.

                                                                                                                                                                                                                              الثاني: الرفق بالمتعلم وإن جفا في سؤاله أو جهل; لأنه -عليه السلام- لم يوبخه على سؤاله قبل إكمال حديثه.

                                                                                                                                                                                                                              الثالث: وجوب تعليم السائل والمتعلم; لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أين السائل؟ " ثم أخبره عن الذي سأل عنه.

                                                                                                                                                                                                                              الرابع: مراجعة العالم عند عدم فهم السائل كقوله: كيف إضاعتها؟

                                                                                                                                                                                                                              الخامس: جواز اتساع العالم في الجواب، وأن يبقي منه إذا كان ذلك لمعنى.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية