الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الخامس في شروط الصلاة والمنهي عنه فيها .

                                                                                                                                                                        وشروطها ثمانية :

                                                                                                                                                                        أحدها : استقبال القبلة .

                                                                                                                                                                        والثاني : العلم بدخول الوقت أو ظنه ، وقد تقدم ذكرهما في بابيهما .

                                                                                                                                                                        الثالث : طهارة الحدث ، وتقدم في كتاب ( الطهارة ) بيان حصولها ، فلو لم يكن متطهرا عند إحرامه لم تنعقد صلاته ، عامدا كان أو ساهيا ، وإن أحرم متطهرا ثم أحدث باختياره بطلت صلاته ، عمدا كان حدثه أو سهوا ، علم بالصلاة أم نسيها ، وإن أحدث بغير اختياره ، بأن سبقه الحدث ، بطلت طهارته بلا خلاف ، وبطلت صلاته أيضا على المشهور الجديد ، ولا تبطل على القديم ، سواء كان الحدث أصغر أو أكبر ، بل يتطهر ويبني على صلاته .

                                                                                                                                                                        فإن كان حدثه في الركوع مثلا ، فقال الصيدلاني : يجب أن يعود إلى الركوع ، وقال إمام الحرمين : إن لم يكن اطمأن ، وجب العود إلى الركوع ، وإن كان اطمأن فالظاهر أنه لا يعود إليه .

                                                                                                                                                                        ثم إذا ذهب من سبقه الحدث ليتوضأ ويبني لزمه أن يسعى في تقريب الزمان ، وتقليل الأفعال بحسب الإمكان ، [ ص: 272 ] وليس له بعد تطهره أن يعود إلى الموضع الذي كان فيه ، إن قدر على الصلاة في أقرب منه ، إلا أن يكون إماما لم يستخلف ، أو مأموما يقصد فضيلة الجماعة فلهما العود .

                                                                                                                                                                        وما لا يستغنى عنه من الذهاب إلى الماء واستقائه ونحوه ، فلا بأس به ، ولا يشترط فيه العدو والبدار الخارج عن الاقتصاد ، ويشترط أن لا يتكلم إلا إذا احتاج إليه في تحصيل الماء ، ولو أخرج تمام الحدث الأول متعمدا ، لم يمنع البناء على المنصوص في القديم ، وبه قطع الجمهور .

                                                                                                                                                                        وقال إمام الحرمين والغزالي يمنع ، ولو أحدث حدثا آخر ففي منعه البناء وجهان .

                                                                                                                                                                        هذا كله تفريع القديم ، هذا كله في صاحب ( طهارة الرفاهية ) .

                                                                                                                                                                        أما المستحاضة ومن في معناها ، فلا يضر حدثها المقارن ولا الحادث على تفصيله السابق .

                                                                                                                                                                        فرع :

                                                                                                                                                                        ما سوى الحدث من الأسباب المناقضة للصلاة ، إذا طرأ فيها ، أبطلها قطعا إن كان باختياره ، أو بغير اختياره ، إذا نسب فيه إلى تقصير ، كمن مسح خفه ، فانقضت مدته في الصلاة ، أو دخل فيها وهو يدافع الحدث ، ويعلم أنه لا يقدر على التماسك إلى فراغها ، ولو تخرق خف الماسح ، فالأصح : أنه على قولي سبق الحدث ، وقيل : تبطل قطعا .

                                                                                                                                                                        أما إذا طرأ مناقض لا باختياره ولا بتقصيره ، فإن أزاله في الحال ، كمن انكشفت عورته ، فسترها في الحال ، أو وقعت عليه نجاسة يابسة ، فنفضها في الحال ، أو ألقى الثوب الذي وقعت عليه في الحال ، فصلاته صحيحة .

                                                                                                                                                                        وإن نحاها بيده ، أو كمه ، بطلت صلاته ، وإن احتاج في إزالته إلى زمن ، بأن ينجس ثوبه أو بدنه نجاسة يجب غسلها . أو أبعدت الريح ثوبه ، فعلى قولي سبق الحدث ، ولو خرج من جرحه دم متدفق ، ولم يلوث بشرته لم تبطل صلاته .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية