الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 1872 ] قوله تعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم آية 102

                                          [10303] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، ثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال: كان عشرة رهط تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك, فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد, فكان ممر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من المسجد عليهم، فلما رآهم قال: من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله أوثقوا أنفسهم حتى يطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم ويعذرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم ويعذرهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين"، فلما بلغهم ذلك قالوا: نحن والله لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا فأنزل الله وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم.

                                          [10304] حدثنا أبي ، ثنا سعيد بن عبد الحميد الرازي، ثنا يعقوب، عن زيد وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال: هم الثمانية الذين ربطوا أنفسهم بالسواري منهم: كردم، ومرداس، وأبو لبابة, فلما أطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله, خذ من أموالنا صدقة

                                          [10305] أخبرنا محمد بن سعد -فيما كتب إلي-، ثنا أبي، ثنا عمي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وذلك "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة تبوك، فتخلف أبو لبابة ورجلان معه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا، وأيقنوا بالهلكة، وقالوا: نحن في الظل والطمأنينة مع النساء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه في الجهاد, والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلقنا ويعذرنا فانطلق أبو لبابة فأوثق نفسه ورجلان معه بسواري المسجد, وبقي ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم, [ ص: 1873 ] فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته وكان طريقه في المسجد فمر عليهم فقال: من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري؟ فقال رجل: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى عنهم، وقد اعترفوا بذنوبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لا أطلقهم حتى أؤمر بإطلاقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله يعذرهم، وقد تخلفوا ورغبوا عن المسلمين بأنفسهم وجهادهم، فأنزل الله عز وجل وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " .

                                          [10306] حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العباس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال: ذكر لنا أنهم كانوا سبعة رهط, تخلفوا عن غزوة تبوك، فأما أربعة فخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا, جد بن قيس, وأبو لبابة, وخذام, وأوس، وكلهم من الأنصار.

                                          [10307] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن عبد الأعلى، أنبأ محمد بن ثور، عن معمر ، عن قتادة وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال: هم نفر ممن تخلف عن تبوك, منهم: أبو لبابة , ومنهم: جد بن قيس، تيب عليهم، قال قتادة : ليسوا بالثلاثة.

                                          والوجه الثاني:

                                          [10308] حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا المحاربي، عن ليث ، عن مجاهد وآخرون اعترفوا بذنوبهم نزلت في رجل واحد في أبي لبابة .

                                          [10309] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وآخرون اعترفوا بذنوبهم أبو لبابة حين قال لقريظة ما قال, أشار بيده إلى حلقه: إن محمدا ذابحكم إن نزلتم إليه على حكمه.

                                          والوجه الثالث:

                                          [10300] أخبرنا محمد بن سعد -فيما كتب إلي-، ثنا عمي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم قال: هم من الأعراب.

                                          [ ص: 1874 ] قوله تعالى: خلطوا عملا صالحا

                                          [10301] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبدة، أنبأ عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، ثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: يا رسول الله، حدثنا ما رأيت ليلة أسري بك؟ قال: "رأيت أمتي ضربين، ضرب عليهم ثياب أشد بياضا من القرطاس, وضرب عليهم ثياب رمد, فقلت: يا جبريل، من هؤلاء؟: قال: أما أصحاب الثياب الرمد: فإنهم خلطوا عملا صالحا، وآخر سيئا ".

                                          [10302] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن هاشم بن الحكم الرملي، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب قال: قال الأحنف بن قيس : عرضت نفسي على القرآن فلم أجدني بآية أشبه مني بهذه الآية وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا

                                          [10303] حدثنا عبد الله بن سليمان، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات، عن أسباط ، عن السدي قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا والصالح غزوهم مع النبي صلى الله عليه وسلم.

                                          والوجه الثاني:

                                          [10304] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني، ثنا سيار، ثنا جعفر ، عن مالك يعني ابن دينار، عن الحسن في قوله: اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال: تابوا.

                                          قوله تعالى: وآخر سيئا

                                          [10305] حدثنا عبد الله بن سليمان، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباط ، عن السدي قوله: وآخر سيئا قال: السيئ: تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                          قوله تعالى: عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

                                          [10306] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، ثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله: عسى الله أن يتوب عليهم وعسى من الله واجب, وروي عن الضحاك ، والحسن ، وأبي مالك ، والسدي ، نحو ذلك.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية