الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قال تزرعون الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه - والله [ ص: 267 ]

                                                                                                                                                                                                                                      يغفر له - حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط عليهم أن يخرجوني , ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه - والله يغفر له - حين أتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ، ولكنه أراد أن يكون له العذر .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن زيد قال : لم يرض يوسف عليه السلام أن أفتاهم بالتأويل حتى أمرهم بالرفق فقال : ( تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله ) لأن الحب إذا كان في سنبله لا يؤكل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( فذروه في سنبله ) قال : أراد يوسف عليه السلام البقاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : ( فذروه في سنبله ) قال : في بعض القراءة الأولى : (هو أبقى له لا يؤكل) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) قال : هن السنون المحول الجدوب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 268 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن زيد بن أسلم أن يوسف عليه السلام في زمانه كان يصنع لرجل طعام اثنين فيقربه إلى الرجل فيأكل نصفه ويدع نصفه حتى إذا كان يوما قربه له فأكله فقال يوسف عليه السلام : هذا أول يوم من السبع الشداد .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : ( يأكلن ما قدمتم لهن ) يقول : يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت ( إلا قليلا مما تحصنون ) أي مما تدخرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : ( مما تحصنون ) يقول : تخزنون ، وفي قوله : ( وفيه يعصرون ) يقول : الأعناب والدهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : ( عام فيه يغاث الناس ) يقول : يصيبهم فيه غيث ( وفيه يعصرون ) يقول : يعصرون فيه العنب ويعصرون فيه الزيت ويعصرون من كل الثمرات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عباس في قوله : ( وفيه يعصرون ) قال يحتلبون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( ثم [ ص: 269 ]

                                                                                                                                                                                                                                      يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس
                                                                                                                                                                                                                                      ) قال : يغاث الناس بالمطر ( وفيه يعصرون ) الثمار والأعناب والزيتون من الخصب ، وهذا علم آتاه الله علمه لم يكن فيما سئل عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : ( ثم يأتي من بعد ذلك عام ) الآية ، قال : زادهم يوسف عليه السلام علم سنة لم يسألوه عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : ( ثم يأتي من بعد ذلك عام ) قال : أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه وكان الله تعالى قد علمه إياه ( فيه يغاث الناس ) بالمطر ( وفيه يعصرون ) السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن مجاهد ( فيه يغاث الناس ) قال : بالمطر ( وفيه يعصرون ) قال : يعصرون أعنابهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الضحاك ( فيه يغاث الناس ) قال : بالمطر ( وفيه يعصرون ) قال : الزيت .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 270 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن علي بن طلحة قال : كان ابن عباس يقرأ (وفيه تعصرون) بالتاء يعني تحلبون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طريق عبدان المروزي عن عيسى بن عبيد عن عيسى بن عمر الثقفي قال : سمعته يقرأ (فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) برفع الياء يعني الغياث والمطر ثم قرأ ( وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية