الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وأما عدة الطلاق فهي التي أشكلت ، فإنه لا يمكن تعليلها بذلك لأنها إنما تجب بعد المسيس ، ولأن الطلاق قطع للنكاح ، ولهذا يتنصف فيه المسمى ويسقط فيه مهر المثل .

فيقال والله الموفق للصواب - عدة الطلاق وجبت ليتمكن الزوج فيها من الرجعة ، ففيها حق للزوج وحق لله وحق للولد وحق للناكح الثاني . فحق الزوج ليتمكن من الرجعة في العدة ، وحق الله لوجوب ملازمتها المنزل كما نص عليه سبحانه ، وهو منصوص أحمد ومذهب أبي حنيفة . وحق الولد لئلا يضيع نسبه ، ولا يدرى لأي الواطئين . وحق المرأة لما لها من النفقة زمن العدة لكونها زوجة ترث وتورث ، ويدل على أن العدة حق للزوج قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن ) [ ص: 592 ] ( من عدة تعتدونها ) [ الأحزاب 49 ] فقوله : فما لكم عليهن من عدة دليل على أن العدة للرجل على المرأة ، وأيضا فإنه سبحانه قال : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) [ البقرة 228 ]

فجعل الزوج أحق بردها في العدة ، وهذا حق له . فإذا كانت العدة ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر طالت مدة التربص لينظر في أمره هل يمسكها ، أو يسرحها ، كما جعل سبحانه للمؤلي تربص أربعة أشهر لينظر في أمره هل يمسك ويفيء ، أو يطلق ، وكان تخيير المطلق كتخيير المؤلي ، لكن المؤلي جعل له أربعة أشهر كما جعل مدة التسيير أربعة أشهر لينظروا في أمرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية