الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1244 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومشاركة المسلم للذمي جائزة ، ولا يحل للذمي من البيع والتصرف إلا ما يحل للمسلم ، لأنه لم يأت قرآن ، ولا سنة بالمنع من ذلك .

                                                                                                                                                                                          وقد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر - وهم يهود - بنصف ما يخرج منها على أن يعملوها بأموالهم وأنفسهم - فهذه شركة في الثمن ، والزرع ، والغرس .

                                                                                                                                                                                          وقد { ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي بالمدينة ورهنه درعه فمات عليه السلام وهي رهن عنده } وذكرناه بإسناده في " كتاب الرهن " من ديواننا هذا فهذه تجارة اليهود جائزة ومعاملتهم جائزة ومن خالف هذا فلا برهان له .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن إياس بن معاوية : لا بأس بمشاركة المسلم للذمي إذا كانت الدراهم عند المسلم وتولى العمل لها - وهو قول مالك - وكره ذلك أصحاب أبي حنيفة جملة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : من عجائب الدنيا تجويز أبي حنيفة ، ومالك : معاملة اليهود والنصارى وإن أعطوه دراهم الخمر والربا ثم يكرهون مشاركته حيث لا يوقن بأنهم يعملون بما لا يحل ، وهذا عجب جدا .

                                                                                                                                                                                          وأما نحن فإنا ندري أنهم يستحلون الحرام ، كما أن في المسلمين من لا يبالي من أين أخذ المال ؟ إلا أن معاملة الجميع جائزة ما لم يوقن حراما ، فإذا أيقناه حرم أخذه من كافر أو مسلم .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن أبي حصين قال : قال لي علي بن أبي طالب في المضارب وفي الشريكين : الربح على ما اصطلحا عليه . [ ص: 417 ] ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن هشام أبي كليب ، وعاصم الأحول ، وإسماعيل الأسدي قال إسماعيل : عن الشعبي ، وقال عاصم : عن جابر بن زيد وقال هشام : عن إبراهيم النخعي ، قالوا كلهم في شريكين أخرج أحدهما مائة ، والآخر مائتين : إن الربح على ما اصطلحا عليه ، والوضيعة على رأس المال .

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف وقد خالفه الحنفيون ، والمالكيون ، وخالفوا معه من ذكرنا من التابعين .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية