الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3027 ] القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 61 ] وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن جنحوا أي : مالوا وانقادوا للسلم بكسر السين وفتحها ، لغتان ، وقد قرئ بهما ، أي : الصلح والاستسلام بوقوع الرهبة في قلوبهم ، بمشاهدة ما بكم من الاستعداد ، وإعتاد العتاد فاجنح لها أي : فمل إلى موافقتهم وصالحهم وعاهدهم ، وإن قدرت على محاربتهم ، لأن الموافقة أدعى لهم إلى الإيمان .

                                                                                                                                                                                                                                      ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ، ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين ، أجابهم إلى ذلك ، مع ما اشترطوا من الشروط الأخر . و ( السلم ) يذكر ويؤنث ، كما في _" القاموس "_ .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : ( السلم ) تؤنث تأنيث نقيضها ، وهي الحرب .

                                                                                                                                                                                                                                      قال العباس بن مرداس :


                                                                                                                                                                                                                                      السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب يكفيك من أنفاسها جرع



                                                                                                                                                                                                                                      وتوكل على الله أي : لا تخف في الصلح مكرهم ، فإنه يعصمك من مكرهم ، إنه هو السميع لأقوالهم العليم أي : بأحوالهم ، فيؤاخذهم بما يستحقون ويرد كيدهم في نحرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية