الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ) الآية [ 186 ] .

                                                                                                                                                                  278 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه - وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم : أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا ، وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحرض عليه كفار قريش في شعره . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وأهلها أخلاط : منهم المسلمون ، ومنهم المشركون ، ومنهم اليهود . فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستصلحهم [ كلهم ] ، وكان المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على ذلك وفيهم أنزل الله تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ) الآية .

                                                                                                                                                                  279 - أخبرنا عمرو بن [ أبي ] عمرو المزكي ، أخبرنا محمد بن مكي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل [ البخاري ] ، أخبرنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن أسامة بن زيد أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار على قطيفة فدكية ، وأردف أسامة بن زيد [ وراءه ] ، وسار يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج ، قبل وقعة بدر ، حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي ، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود ، وفي المجلس عبد الله بن رواحة ، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال : لا تغبروا علينا . فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف ، فنزل ودعاهم إلى الله ، وقرأ عليهم القرآن ، فقال عبد الله بن أبي : أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول ، إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجالسنا ، ارجع إلى رحلك ، فمن جاءك فاقصص عليه ، فقال عبد الله بن رواحة : بلى يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك ، واستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا [ ص: 72 ] يتساورون ، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا ، ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - دابته ، وسار حتى دخل على سعد بن عبادة ، فقال له : يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي - قال : كذا وكذا ؟ ! فقال سعد بن عبادة : يا رسول الله اعف عنه واصفح ، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي نزل عليك وقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه ويعصبوه بالعصابة ، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك ، فذلك فعل به ما رأيت . فعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ) الآية .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية