الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حكى الفراء فيه وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : حتى يؤذن له في الشفاعة .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 448 ] الثاني : حتى يؤذن له فيمن يشفع له ، ووجدت الأول قول الكلبي والثاني قول مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                        حتى إذا فزع عن قلوبهم فيه ستة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معناه خلي عن قلوبهم الفزع ، قاله ابن عباس ، وقال قطرب : أخرج ما فيها من الخوف .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : كشف عن قلوبهم الغطاء يوم القيامة ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنهم الشياطين فزع عن قلوبهم ففارقوا ما كانوا عليه من إضلال أوليائهم ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنهم دعوا فاستجابوا من قبورهم مأخوذ من الفزع الذي هو الدعاء والاستصراخ فسمي الداعي فزعا والمجيب فزعا ، قال زهير


                                                                                                                                                                                                                                        إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم طوال الرماح لا قصار ولا عزل



                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنهم الملائكة فزعوا عند سماع الوحي من الله تعالى لانقطاعه ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام ، وكان لصوته صلصلة كوقع الحديد على الصفا ، فخروا عنده سجودا مخافة القيامة فسألوا فقالوا : ماذا قال ربكم؟ قالوا : الحق أي الوحي ، وهذا معنى قول كعب .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : وهو تأويل قراءة الحسن : حتى فرغ عن قلوبهم بالغين معجمة يعني فرغ ما فيها من الشك والشرك .

                                                                                                                                                                                                                                        قالوا ماذا قال ربكم أي قال لهم الملائكة : ماذا قال ربكم في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                        قالوا الحق يحتمل وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن يجدوا ما وصفوه عن الله تعالى حقا .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن يصدقوا بما قاله الله تعالى أنه حق .

                                                                                                                                                                                                                                        وهو العلي الكبير

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 449 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية