الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1625 ) فصل : وللنساء غسل الطفل بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم ، على أن المرأة تغسل الصبي الصغير . قال أحمد : لهن غسل من له دون سبع سنين . وقال الحسن : إذا كان فطيما ، أو فوقه . وقال الأوزاعي : ابن أربع أو خمس . وقال أصحاب الرأي : الذي لم يتكلم . - [ ص: 203 ] ولنا ، أن من له دون السبع لم نؤمر بأمره بالصلاة ، ولا عورة له ، فأشبه ما سلموه ، فأما من بلغ السبع ولم يبلغ عشرا ، فحكى أبو الخطاب فيه روايتين .

                                                                                                                                            والصحيح أن من بلغ عشرا ليس للنساء غسله ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وفرقوا بينهم في المضاجع } . وأمر بضربهم للصلاة لعشر . ومن دون العشر يحتمل أن يلحق بمن دون السبع ، لأنه في معناه ، ويحتمل أن لا يلحق به ، لأنه يفارقه في أمره بالصلاة ، وقربه من المراهقة . فأما الجارية الصغيرة ، فلم ير أبو عبد الله أن يغسلها الرجل ، وقال : النساء أعجب إلي . وذكر له أن الثوري يقول : تغسل المرأة الصبي ، والرجل الصبية .

                                                                                                                                            قال : لا بأس أن تغسل المرأة الصبي ، وأما الرجل يغسل الصبية فلا أجترئ عليه ، إلا أن يغسل الرجل ابنته الصغيرة ، فإنه يروى عن أبي قلابة أنه غسل بنتا له صغيرة .

                                                                                                                                            والحسن قال : لا بأس أن يغسل الرجل ابنته ، إذا كانت صغيرة . وكره غسل الرجل الصغيرة سعيد والزهري . قال الخلال : القياس التسوية بين الغلام والجارية ، لولا أن التابعين فرقوا بينهما ، فكرهه أحمد لذلك . وسوى أبو الخطاب بينهما ، فجعل فيهما روايتين ، جريا على موجب القياس .

                                                                                                                                            والصحيح ما عليه السلف ، من أن الرجل لا يغسل الجارية ، والتفرقة بين عورة الغلام والجارية ; لأن عورة الجارية أفحش ، ولأن العادة معاناة المرأة للغلام الصغير ، ومباشرة عورته في حال تربيته ، ولم تجر العادة بمباشرة الرجل عورة الجارية في الحياة ، فكذلك حالة الموت ، والله أعلم .

                                                                                                                                            فأما الصبي إذا غسل الميت ، فإن كان عاقلا صح غسله صغيرا كان أو كبيرا ; لأنه يصح طهارته ، فصح أن يطهر غيره ، كالكبير فصل : ويصح أن يغسل المحرم الحلال ، والحلال المحرم ; لأن كل واحد منهما تصح طهارته وغسله ، فكان له أن يغسل غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية