الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 232 ] خلافة المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن هارون الرشيد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بويع له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بطرسوس يوم الخميس الثامن عشر من رجب من سنة ثماني عشرة ومائتين وكان إذ ذاك مريضا ، وهو الذي صلى على أخيه المأمون وقد شغب بعض الجند فأرادوا أن يولوا العباس بن المأمون فخرج عليهم العباس فقال لهم : ما هذا الحب البارد ؟ أنا قد بايعت عمي المعتصم . فسكن الناس وخمدت الفتنة ، وركب البرد بالبيعة للمعتصم إلى الآفاق ، وبالتعزية بالمأمون . فأمر المعتصم بهدم ما كان بناه المأمون في مدينة طوانة وأمر بإبطال ذلك ، ونقل ما كان حول إليها من السلاح وغير ذلك ، وأذن للفعلة بالانصراف إلى بلدانهم وأقاليمهم ، ثم ركب المعتصم في الجنود قاصدا بغداد وصحبته العباس بن المأمون فدخلها يوم السبت مستهل شهر رمضان في أبهة عظيمة وتجمل تام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 233 ] وفي هذه السنة دخل خلق كثير من أهل همذان وأصبهان وماسبذان ، ومهرجان في دين الخرمية ، فتجمع منهم بشر كثير فجهز إليهم المعتصم جيوشا كثيرة ، آخر من جهز إليهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب في جيش عظيم ، وعقد له على الجبال فخرج من بغداد في ذي القعدة ، وقرئ كتابه بالفتح يوم التروية ، وأنه قهر الخرمية ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، وهرب بقيتهم إلى بلاد الروم ، ولله الحمد والمنة . وعلى يديه جرت فتنة الإمام أحمد بن حنبل وضرب بين يديه كما سيأتي بسط ذلك في ترجمة أحمد عند ذكر وفاته في سنة إحدى وأربعين ومائتين ، إن شاء الله وبه الثقة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة صالح بن العباس بن محمد وضحى أهل مكة يوم الجمعة ، وأهل بغداد ضحوا يوم السبت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية