الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وإن كلا " يشير إلى جميع من قص قصته في هذه السورة . وقال مقاتل : يعني به كفار هذه الأمة . وقيل : المعنى : وإن كلا لخلق أو بشر " ليوفينهم " . قرأ أبو عمرو ، والكسائي " وإن " مشددة النون ، " لما " خفيفة . واللام في " لما " لام التوكيد ، دخلت على " ما " وهي خبر " إن " . واللام في " ليوفينهم " اللام التي يتلقى بها القسم ، والتقدير : والله ليوفينهم ، ودخلت " ما " للفصل بين اللامين . قال مكي بن أبي طالب : وقيل: إن " ما " زائدة ، لكن دخلت لتفصل بين اللامين اللذين يتلقيان القسم ، وكلاهما مفتوح ، ففصل بـ " ما " بينهما ، وقرأ ابن كثير " وإن " بالتخفيف ، وكذلك " لما " . قال سيبويه : حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول : إن عمرا لمنطلق ، فيخففون " إن " ويعملونها وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                      ووجه حسن النحر كأن ثدييه حقان



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 164 ] وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم : " وإن " خفيفة ، " لما " مشددة ، والمعنى : وما كلا إلا ; وهذا كما تقول : سألتك لما فعلت ، وإلا فعلت ، ومثله قوله : إن كل نفس لما عليها حافظ [الطارق :4] . وقرأ حمزة ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : " وإن " بالتشديد ، " لما " بالتشديد أيضا . قال أبو علي : هذه قراءة مشكلة ، لأنه كما لا يحسن : إن زيدا إلا منطلق ، كذلك لا يحسن تثقيل " إن " وتثقيل " لما " . وحكى عن الكسائي أنه قال : لا أعرف وجه التثقيل في " لما " ، ولم يبعد فيما قال . وقال مكي بن أبي طالب : الأصل فيها " لمن ما " ثم أدغمت النون في الميم ، فاجتمعت ثلاث ميمات في اللفظ ، فحذفت الميم المكسورة ; والتقدير : وإن كلا لمن خلق ليوفينهم . قال : وقيل : التقدير : " لمن ما " بفتح الميم في " من " فتكون " ما " زائدة ، وتحذف إحدى الميمات لتكرير الميم في اللفظ ; والتقدير : لخلق ليوفينهم ، ومعنى الكلام : ليوفينهم جزاء أعمالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية