الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

                                                          السلام هو الأمن الذي لا انزعاج فيه، وفيه الأمن من الفناء وعوامله من الآفات، وقد قال الحسن البصري - رضي الله عنه - إن السلام لا ينقطع عن أهل الجنة كما قال عز من قائل: تحيتهم يوم يلقونه سلام

                                                          وقد قال بعض الصوفية: " يا ابن آدم دعاك الله إلى دار السلام فانظر من أين تجيبه، فإن أجبته في دنياك دخلتها وإن أجبته في قبرك منعتها ".

                                                          ودعوة الله إلى دار السلام هي ما يدعو إليه من الإيمان به وباليوم الآخر وبما جاء من تكليف على ألسنة الرسل الكرام فإن ذلك هو السبيل إليها، وإن الدعوة إلى دار السلام تعم كل الناس، لأن الباب إلى الجنة مفتوح لهم جميعا، وهنا يتبين من اهتدى وأجاب الداعي ممن ضل وأصم أذنيه عن الحق، وقد ذكر سبحانه وتعالى من اهتدى، أي: سلك سبيل الهداية فأخذه إليها وهداه الصراط الموصل إلى [ ص: 3552 ] الحق من أقرب الطرق، ولذا قال سبحانه: يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم والصراط هو الطريق المستقيم الموصل إلى الجزاء الحق وهو طريق الله تعالى; ولذا قال سبحانه: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله

                                                          فسبيله خط مستقيم هاد مرشد إلى الحق الذي لا ريب فيه، والسبل الأخرى هي مسارات الشيطان ومضطرب أهوائه.

                                                          وهنا أمران يجب الإشارة إليهما:

                                                          أولهما - أن الله تعالى نسب إلى ذاته الدعوة إلى دار السلام، وهي الجنة دار الأمن الباقية التي لا إزعاج فيها ولا عذاب.

                                                          ثانيهما - أن الله تعالى يهدي من يشاء، وأن من سلك طريق الهداية أوصله إليها، ومن سلك طريق الضلالة سار إلى الضلال البعيد.

                                                          لم يذكر الله سبحانه وتعالى أنه يشاء الضلالة لعباده، بل هم الذين يسيرون فيها، وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى هداية الذين استجابوا لله ولرسوله ذكر جزاءهم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية