الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 118 ] ( وإذا مرضت فهو يشفين ( 80 ) والذي يميتني ثم يحيين ( 81 ) والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( 82 ) رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ( 83 ) ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ( 84 ) واجعلني من ورثة جنة النعيم ( 85 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا مرضت ) أضاف المرض إلى نفسه وإن كان المرض والشفاء كله من الله ، استعمالا لحسن الأدب كما قال الخضر : " فأردت أن أعيبها " ( الكهف - 79 ) ، وقال : " فأراد ربك أن يبلغا أشدهما " ( الكهف - 82 ) . ) ( فهو يشفين ) أي : يبرئني من المرض . ( والذي يميتني ثم يحيين ) أدخل " ثم " هاهنا للتراخي ، أي : يميتني في الدنيا ويحييني في الآخرة . ) ( والذي أطمع ) أي : أرجو ، ( أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) أي : خطاياي يوم الحساب . قال مجاهد : هو قوله : " إني سقيم " ، وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " ، وقوله لسارة : " هذه أختي " ، وزاد الحسن وقوله للكواكب : " هذا ربي " . وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حفص بن غياث ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قال : قلت يا رسول الله : ابن جدعان ، كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المساكين ، فهل ذاك نافعه ؟ قال : " لا ينفعه إنه لم يقل يوما ، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " وهذا كله احتجاج من إبراهيم على قومه ، وإخبار أنه لا يصلح للإلهية من لا يفعل هذه الأفعال . ( رب هب لي حكما ) قال ابن عباس : معرفة حدود الله وأحكامه . وقال مقاتل : الفهم والعلم . وقال الكلبي : النبوة ( وألحقني بالصالحين ) بمن قبلي من النبيين في المنزلة والدرجة . ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) أي : ثناء حسنا ، وذكرا جميلا وقبولا عاما في الأمم التي تجيء بعدي ، فأعطاه الله ذلك ، فجعل كل أهل الأديان يتولونه ويثنون عليه . قال القتيبي : وضع اللسان موضع القول على الاستعارة لأن القول يكون به . ( واجعلني من ورثة جنة النعيم ) أي : ممن تعطيه جنة النعيم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية