الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ؛ فإن قال قائل: فهل للإيمان مثل هو غير الإيمان؟ قيل له: المعنى واضح بين؛ وتأويله: " فإن أتوا بتصديق مثل تصديقكم وإيمانكم بالأنبياء؛ ووحدوا كتوحيدكم؛ فقد اهتدوا " ؛ أي: فقد صاروا مسلمين مثلكم؛ وإن تولوا فإنما هم في شقاق ؛ أي: في مشاقة؛ وعداوة؛ ومن هذا قول الناس: فلان قد شق عصا المسلمين؛ إنما هو قد فارق ما اجتمعوا عليه من اتباع إمامهم؛ وإنما صار في شق غير شق المسلمين؛ وقوله - عز وجل -: فسيكفيكهم الله ؛ هذا ضمان من الله - عز وجل - في النصر لنبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه إنما يكفيه إياهم [ ص: 215 ] بإظهار ما بعثه به على كل دين سواه؛ وهذا كقوله: ليظهره على الدين كله ؛ فهذا تأويله - والله أعلم.

                                                                                                                                                                                                                                        وكذا قوله: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ؛ فإن قال قائل: فإن من الرسل من قتل؛ فإن تأويل ذلك - والله أعلم - أن الله غالب هو ورسله بالحجة الواضحة؛ والآية البينة؛ ويجوز أن تكون غلبة الآخرة؛ لأن الأمر هو على ما يستقر عليه في العاقبة؛ وقد قيل: إن الله لم يأمر رسولا بحرب؛ فاتبع ما أمره الله به في حربه إلا غلب؛ فعلى هذا التأويل يجوز أن يكون: " لم يقتل رسول قط محاربا " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية