الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة عشرة لما قال الله تعالى : { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } : [ ص: 133 ] بين بذلك محظورات الصيام ; وهي الأكل ، والشرب ، والجماع . فأما ظاهر المباشرة التي هي اتصال البشرة بالبشرة فاختلف العلماء فيها على أربعة أقوال : الأول : أنها حرام .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنها مباحة .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنها مكروهة .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنها منقسمة بين من يخاف على نفسه التعرض لفساد الصوم وبين من يأمن ذلك على نفسه .

                                                                                                                                                                                                              وتحقيق القول فيها : أنها سبب وداعية إلى الجماع ، وذريعة داعية إليه ، فيختلف في حكمها كاختلافهم في تحريم الذرائع التي تدعو إلى المحظورات ; فأما علماء المالكية فاعتبروا حال الرجل وخوفه على صومه وأمنه عليه من نفسه ، وقد ثبت : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل أزواجه عائشة وغيرها ، وهو صائم ، ويأمر بالإخبار بذلك } ; لكن النبي كان أملكنا لإربه .

                                                                                                                                                                                                              وقد خرج مسلم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى عمر بن أبي سلمة بجوازها وهو شاب } ، فدل أن المعول فيها ما اعتبر علماؤنا من حال المقبل ، لكن منهم من تجاوز في التفصيل حد الفتيا ، ونحن نضبط بحول الله تعالى . [ ص: 134 ]

                                                                                                                                                                                                              فنقول : أما إن أفضى التقبيل والمباشرة إلى المذي فلا شيء فيه ; لأن تأثيره في الطهارة الصغرى ، وأما إن خيف إفضاؤه إلى المني فذلك الممنوع ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية