الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 547 ] ( 4 ) باب الأذان

الفصل الأول

641 - عن أنس - رضي الله عنه - ، قال : ذكروا النار والناقوس ، فذكروا اليهود والنصارى ، فأمر بلال أن يشفع الأذان ، وأن يوتر الإقامة . قال إسماعيل : فذكرته لأيوب فقال : إلا الإقامة متفق عليه

التالي السابق


[ 4 ] باب الأذان

أي : مشروعيته كيفية وكمية ، والأذان هو الإعلام ، أما الأذان المتعارف من التأذين كالسلام

كذا قيل ، والظاهر أنه بمعنى الإعلام أيضا . قال تعالى : وأذان من الله ورسوله وقال عز من قائل : فأذن مؤذن بينهم وقال ابن حجر : هو لغة الإعلام وشرعا قول مخصوص يعلم به وقت الصلاة ، وخرج بها الأذان الذي يسن لغير الصلاة كالأذان في أذن المولود اليمنى ، والإقامة في اليسرى ، ويسن أيضا عن الهم وسوء الخلق لخبر الديلمي ، عن علي : رآني النبي صلى الله عليه وسلم حزينا فقال : ( يا ابن أبي طالب إني أراك حزينا فمر بعض أهلك يؤذن في أذنك ، فإنه درأ الهم ) قال : فجربته فوجدته كذلك . وقال : كل من رواته إلى علي أنه جربه ، فوجده كذلك . وروى الديلمي عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ساء خلقه من إنسان أو دابة فأذنوا في أذنه ) اهـ . والأذان : سنة الفرائض ، وقيل : واجب وقول محمد : ( لو أن أهل بلدة أجمعوا على ترك الأذان لقاتلتهم عليها ، ولو تركها واحد لضربته وحبسته ) ، وأجيب : بأن هذا لا يدل على الوجوب ، لأنه قال أيضا : لو ترك أهل بلدة سنة لقاتلتهم عليها ، ولو تركها واحد لضربته .

الفصل الأول

641 - ( عن أنس قال : ذكروا ) : أي : الصحابة لإعلام وقت الصلاة ( النار والناقوس ) : أي : ذكر جمع منهم إيقاد النار وجمع ضرب الناقوس ، وهو خشبة طويلة يضربها النصارى بأخرى أقصر منها لإعلام وقت الصلاة ( فذكروا ) : أي : الصحابة ( اليهود والنصارى ) : أي : التشبه بهما . قيل : أي ذكروا أن النار والناقوس لهما ، والمشهور أن اليهود كانوا ينفخون في قرن ، وقد ذكر ذلك في حديث من أحاديث الأذان ، ولم تذكر النار إلا في حديث أنس ، فلعلهم صنعوا الأمرين ، أو كانوا فريقين ، فريق يوقد النار ، وفريق ينفخ في القرن ، وقال الطيبي : يشبه أن يكون ذكر الأول بمعنى الوصف ، والفاء في الثاني السببية يعني : وصفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإعلام الناس وقت الصلاة إيقاد النار لظهورها ، وضرب الناقوس لصوته ، فكان ذلك سببا لذكر اليهود والنصارى . قال القاضي : لما قدم عليه السلام المدينة ، وبنى المسجد شاور الصحابة فيما يجعل علما للوقت ، فذكر جماعة من الصحابة النار والناقوس ، وذكر آخرون منهم أن النار شعار اليهود ، والناقوس من شعار النصارى ، فلو اتخذنا أحدهما التبست أوقاتنا بأوقاتهم فتفرقوا من غير اتفاق على شيء فاهتم عبد الله بن زيد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام فرأى في المنام أن رجلا ينادي بالصلاة قائلا : الله أكبر الله أكبر إلخ : فذكر ذلك له عليه الصلاة والسلام فقال : ( إن هذه الرؤيا حق قم مع بلال ، فأذنا ، فإنه أندى أي أرفع صوتا منك ) فلما أذنا وسمع عمر - رضي الله عنه - أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : والذي بعثك بالحق نبيا لقد رأيت مثل ما قال : قال عليه الصلاة والسلام ( فلله الحمد ) . روي أنه رأى الأذن في المنام تلك الليلة أحد عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فأمر بلال ) : على بناء المجهول أي : أمره عليه السلام أي أن يشفع الأذان : أي بأن يأتي بألفاظه شفعا قاله الطيبي : أي : يقول كل كلمة مرتين سوى آخرها قاله ابن الملك ( وأن يوتر الإقامة ) : أي : ويقول كلمات الإقامة مرة مرة سوى التكبير في أولها وآخرها . قال الطيبي : فيه دليل على أن الإقامة فرادى وهو مذهب أكثر أهل العلم من أصحابه والتابعين ، وإليه ذهب الزهري ومالك والشافعي والأوزعي وأحمد وإسحاق اهـ .

وسيأتي دليل أبي حنيفة ، ومن وافقه من العلماء ( قال إسماعيل ) : أي : ابن علية قاله ميرك ( فذكرته ) : أي : الحديث ( لأيوب ) : هو السختياني قاله ميرك ، وفي التقريب أنه رأى أنسا ( فقال ) : أي : أيوب ( إلا الإقامة ) : أي إلا لفظة الإقامة وهي : قد قامت الصلاة ، فإن بلالا يقولها مرتين ( متفق عليه ) : ورواه الأربعة قاله ميرك .

[ ص: 548 ]



الخدمات العلمية