الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                12912 باب لم يكن له إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يلقى العدو ولو بنفسه

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) محمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأ أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي ، أنبأ أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد ، ثنا أبي ، ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، فذكر قصة أحد وإشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين بالمكث في المدينة ، وأن [ ص: 41 ] كثيرا من الناس أبوا إلا الخروج إلى العدو ، قال: ولو تناهوا إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره كان خيرا لهم ، ولكن غلب القضاء والقدر ، قال: وعامة من أشار عليه بالخروج رجال لم يشهدوا بدرا ، وقد علموا الذي سبق لأهل بدر من الفضيلة ، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجمعة وعظ الناس وذكرهم ، وأمرهم بالجد والاجتهاد ، ثم انصرف من خطبته وصلاته ، فدعا بلامته ، فلبسها ، ثم أذن في الناس بالخروج ، فلما أبصر ذلك رجال من ذوي الرأي ، قالوا: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نمكث بالمدينة ، فإن دخل علينا العدو وقاتلناهم في الأزقة ، وهو أعلم بالله وبما يريد ، ويأتيه الوحي من السماء ، ثم أشخصناه ، فقالوا: يا نبي الله ، أنمكث كما أمرتنا ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لنبي إذا أخذ لامة الحرب ، وأذن في الناس بالخروج إلى العدو أن يرجع حتى يقاتل ، وقد دعوتكم إلى هذا الحديث ، فأبيتم إلا الخروج ، فعليكم بتقوى الله والصبر إذا لقيتم العدو ، وانظروا ما أمرتكم به فافعلوه ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه ، وذكر الحديث . وهكذا رواه موسى بن عقبة عن الزهري ، وكذلك ذكره محمد بن إسحاق بن يسار عن شيوخه من أهل المغازي ، وهو عام في أهل المغازي وإن كان منقطعا ، ( وكتبناه موصولا بإسناد حسن ) .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، ثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني ابن أبي الزناد ، ( عن أبيه ) ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: تنفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفه " ذو الفقار " يوم بدر ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد - وذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه المشركون يوم أحد كان رأيه أن يقيم بالمدينة ، فيقاتلهم فيها ، فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدرا : تخرج بنا يا رسول الله إليهم نقاتلهم بأحد ، ورجوا أن يصيبوا من الفضيلة ما أصاب أهل بدر ، فما زالوا به حتى لبس أداته ، ثم ندموا وقالوا: يا رسول الله ، أقم ، فالرأي رأيك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد أن لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ، قال: وكان مما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ قبل أن يلبس الأداة: إني رأيت أني في درع حصينة ، فأولتها المدينة ، وأني مردف كبشا ، فأولته كبش الكتيبة ، ورأيت أن سيفي ذا الفقار فل ، فأولته فلا فيكم ، ورأيت بقرا تذبح ، فبقر والله خير ، فبقر والله خير " .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية