الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وأيضا فقوله فيه: «نقل الأقدام إلى الجمعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة» والمعراج كان بمكة، وتلك الليلة فرضت الصلوات الخمس ولم تكن جمعة، فقد ثبت في الصحيح عن ابن عباس «أن أول جمعة كانت في الإسلام بعد جمعة بالمدينة جمعت بالبحرين بجواثاء» قرية من قرى البحرين، وهذا من العلم المتواتر الذي لا يتنازع فيه أهل العلم.

وأما ما يوجد في كتب [ ص: 320 ] أخرى ويوجد عند كثير من الشيوخ والعامة من أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في بعض سكك المدينة، أو خارج مكة، أو أنه ينزل عشية عرفة فيعانق المشاة ويصافح الركبان، ونحو هذه الأحاديث التي فيها رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في اليقظة في الأرض فكلها من أكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل العلم، فليعلم ذلك.

والخلال روى هذا الحديث من هذا الوجه، ورواه من وجه آخر هو الصواب؛ لأنه جمع الطرق، فقال: حدثنا أحمد بن محمد الأنصاري، حدثنا مؤمل قال: حدثنا عبيد الله [ ص: 321 ] بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي في منامي في أحسن صورة، فقال: يا محمد! قلت: لبيك ربي وسعديك، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى» وذكر الحديث.

قال الخلال: حدثنا أحمد بن محمد الأنصاري، حدثنا مؤمل قال: حدثنا حماد بن دليل، حدثنا سفيان الثوري، عن قيس، عن طارق، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

ففي هذه الرواية من رواية مؤمل، عن حماد بن دليل، عن الثوري، عن قيس، عن طارق، عن النبي صلى الله عليه وسلم جعله مرسلا وجعله مثل [ ص: 322 ] حديث أبي هريرة، وحديث أبي هريرة يوافق سائر الأحاديث أن ذلك كان في المنام كما ذكره في هذه الراوية، ولكن إنما اعتقد صحة هذا من لم يكن له بالحديث وألفاظه وروايته خبرة تامة من جنس الفقهاء وأهل الكلام والصوفية ونحوهم؛ فلهذا ذكروه من بين متأول ومن بين راد للتأويل.

التالي السابق


الخدمات العلمية