2380 كتاب الحج
ومثله في النووي.
( والحج ) بفتح الحاء: هو المصدر. وبالفتح والكسر جميعا: هو الاسم منه.
وأصله: ( القصد ). ويطلق على العمل أيضا. وعلى الإتيان مرة بعد أخرى.
باب فرض الحج مرة في العمر
ومثله في النووي.
حديث الباب
وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 100 - 101 ج9 المطبعة المصرية
[عن قال: أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت: نعم لوجبت. ولما استطعتم". ثم قال: "ذروني ما تركتكم. فإنما هلك [ ص: 191 ] من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم. وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ". ] فرض الله عليكم الحج فحجوا " فقال رجل: أكل عام؟ يا رسول الله! فسكت. حتى قالها ثلاثا. خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيها الناس! قد
كتاب الحج
- باب فرض الحج مرة في العمر
- باب ثواب الحج والعمرة
- باب منه
- باب في يوم الحج الأكبر
- باب فضل يوم عرفة
- باب ما يقول إذا ركب إلى الحج وغيره
- باب سفر المرأة إلى الحج مع ذي المحرم
- باب منه
- باب منه
- باب حج الصبي وأجر من حج به
- باب الحج عمن لا يستطيع الركوب
- باب في الحائض والنفساء إذا أرادتا الإحرام
- باب في المواقيت في الحج والعمرة
- باب منه
- باب الطيب للمحرم قبل أن يحرم
- باب منه
- باب المسك أطيب الطيب
- باب الألوة والكافور
- باب في الريحان
- باب الإحرام من عند مسجد ذي الحليفة
- باب الإهلال حين تنبعث الراحلة
- باب في الإهلال بالحج من مكة
- باب التلبية
- باب في التلبية بالعمرة والحج
- باب منه
- باب في إفراد الحج
- باب منه
- باب القران بين الحج والعمرة
- باب في متعة الحج
- باب منه
- باب بيان وجوه الإحرام
- باب من أختم بالحج ومعه الهدي
- باب نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام
- باب منه
- باب الهدي في القران بين الحج والعمرة
- باب الهدي في المتعة
- باب في إرداف الحج على العمرة
- باب الاشتراط في الحج والعمرة
- باب من أحرم وعليه جبة وأثر الخلوق
- باب ما يجتنب المحرم من اللباس
- باب منه
- باب في الصيد للمحرم
- باب منه
- باب في لحم الصيد للمحرم يصيده الحلال
- باب ما يقتل المحرم من الدواب
- باب منه
- باب الحجامة للمحرم
- باب مداواة المحرم عينيه
- باب غسل المحرم رأسه
- باب في الفدية على المحرم
- باب في المحرم يموت ما يفعل به
- باب المبيت بذي طوى والاغتسال قبل دخول مكة
- باب دخول مكة والمدينة
- باب في النزول بمكة للحاج
- باب الرمل في الطواف والسعي
- باب منه
- باب منه
- باب تقبيل الحجر الأسود في الطواف
- باب استلام الركنين اليمانيين في الطواف
- باب منه
- باب الطواف على الراحلة
- باب الطواف راكبا لعذر
- باب الطواف بين الصفا والمروة
- باب الطواف بالصفا والمروة سبعا واحدا
- باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة من الطواف والسعي
- باب منه
- باب في دخول الكعبة والصلاة فيها والدعاء
- باب منه
- باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم
- باب التلبية والتكبير في الغدو من منى إلى عرفة
- باب منه
- باب في الوقوف بعرفة
- باب منه
- باب في الإفاضة من عرفة والصلاة بالمزدلفة
- باب صفة السير في الدفع من عرفة
- باب في صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة
- باب صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة
- باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة
- باب الإفاضة من جمع بليل للمرأة الثقيلة
- باب تقديم الظعن من مزدلفة
- باب تقديم الضعفة من مزدلفة
- باب منه
- باب تلبية الحاج حتى يرمي جمرة العقبة
- باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي والتكبير مع كل حصاة
- باب منه
- باب رمي جمرة العقبة يوم النحر على الراحلة
- باب قدر حصى الجمار
- باب وقت الرمي
- باب رمي الجمار تو
- باب حلق النبي صلى الله عليه وسلم في حجه
- باب في الحلاق والتقصير
- باب الرمي ثم النحر ثم الحلق والبداية في الحلق بالجانب الأيم
- باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي
- باب منه
- باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام
- باب البعث بالهدي وتقليدها وهو حلال
- باب منه
- باب ركوب البدنة
- باب منه
- باب ما عطب من الهدي قبل محله
- باب الاشتراك في الهدي
- باب الهدي من البقر
- باب نحر البدن قياما مقيدة
- باب الصدقة بلحوم الهدي وجلالها وجلودها
- باب طواف الإفاضة يوم النحر
- باب من طاف بالبيت فقد حل
- باب يكفي القارن طواف واحد للحج والعمرة
- باب متى يحل من أحرم بحج وعمرة ؟
- باب نزول المحصب يوم النفر والصلاة به
- باب منه
- باب منه
- باب في البيتوتة ليالي منى بمكة لأهل السقاية
- باب منه
- باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء الحج والعمرة
- باب لا ينفر أحد حتى يطوف بالبيت للوداع
- باب المرأة تحيض قبل أن تودع
- باب منه
- باب في إباحة العمرة في شهور الحج
- باب فضل العمرة في رمضان
- باب كم حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
- باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟
- باب في التقصير في العمرة
- باب قضاء الحائض العمرة
- باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره
- باب التعريس والصلاة بذي الحليفة إذا صدر من الحج والعمرة
- باب منه
- باب منه
- باب في تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها
- باب منه
- باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة غير محرم يوم الفتح
- باب منه
- باب في جدار الكعبة وبابها
- باب في نقض الكعبة وبنائها
- باب منه
- باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها
- باب منه
- باب لا يدخل المدينة الطاعون ولا الدجال
- باب المدينة تنفي خبثها
- باب منه
- باب من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله
- باب الترغيب في المقام بالمدينة عند فتح الأمصار
- باب في المدينة حين يتركها أهلها
- باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة
- باب أحد جبل يحبنا ونحبه
- باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
- باب فضل الصلاة بمسجدي الحرمين الشريفين
- باب بيان المسجد الذي أسس على التقوى
- باب في مسجد قباء وفضله
- باب منه
التالي
السابق
(الشرح)
(عن ) رضي الله عنه، ( قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيها الناس ! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " ). أبي هريرة
فيه: الأمر بالحج.
واختلف الأصوليون في أن الأمر: هل يقتضي التكرار أم لا ؟
والصحيح عند الشافعية: لا يقتضيه.
والثاني: يقتضيه.
والثالث: يتوقف فيما زاد على مرة، على البيان. فلا يحكم باقتضائه، ولا بمنعه.
(فقال رجل ). وهو الأقرع بن حابس. كما جاء مبينا في غير هذه الرواية: ( أكل عام ؟ يا رسول الله ! فسكت ).
قال النووي : وقد يستدل بهذا من يقول بالتوقف. لأنه سأل فقال: ( أكل عام ؟ ). [ ص: 192 ] ولو كان مطلقه يقتضي التكرار أو عدمه، لم يسأل. ولقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا حاجة إلى السؤال ". بل مطلقه محمول على كذا.
والجواب: أنه سأل استظهارا واحتياطا. وقوله الآتي: " ذروني ما تركتكم "، ظاهر في أنه لا يقتضي التكرار.
قال ويحتمل أنه إنما احتمل التكرار عنده، من وجه آخر. لأن الحج في اللغة: ( قصد فيه تكرر ). فاحتمل عنده التكرار، من جهة الاشتقاق، لا من مطلق الأمر. الماوردي:
قال: وقد تعلق بما ذكرناه عن أهل اللغة ههنا، من قال بإيجاب العمرة.
وقال: لما كان قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت يقتضي تكرار قصد البيت، بحكم اللغة والاشتقاق. وقد أجمعوا على أن الحج لا يجب إلا مرة، كانت العودة الأخرى إلى البيت تقتضي كونها عمرة. لأنه لا يجب قصده لغير حج وعمرة بأصل الشرع.
( حتى قالها ثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت: نعم، لوجبت ولما استطعتم " ).
قال في ( المنتقى ): فيه: دليل على أن الأمر لا يقتضي التكرار. انتهى.
قلت: هذه المسألة أصولية. بسطت القول فيها، في( حصول المأمول ).
وذكرت اختلاف العلماء فيها [ ص: 193 ] وحاصلها: أنه لا دلالة للصيغة على التكرار، إلا بقرينة تفيد ذلك وتدل عليه. فإن حصلت حصل التكرار، وإلا فلا.
فلا يتم استدلال المستدلين على التكرار، بصور خاصة، اقتضى الشرع أو اللغة: أن الأمر فيها يفيد التكرار.
لأن ذلك خارج عن محل النزاع. وليس النزاع إلا في مجرد دلالة الصيغة، مع عدم القرينة.
فالتطويل في مثل هذا المقام، بذكر الصور التي ذكرها أهل الأصول، لا يأتي بفائدة.
ثم في قوله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت: نعم، لوجبت " دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم مفوض في شرع الأحكام.
قال النووي : ( فيه ): دليل للمذهب الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم، كان له أن يجتهد في الأحكام.
ولا يشترط في حكمه: أن يكون بوحي.
وقيل: يشترط. وهذا القائل يجيب عن هذا الحديث بأنه ؛ لعله أوحي إليه ذلك. والله أعلم. انتهى.
قال في (شرح المنتقى ): وفي ذلك خلاف مبسوط في الأصول.
ثم قال: " ذروني ما تركتكم ". )
(فيه ): دليل على أن الأصل، عدم الوجوب.
[ ص: 194 ] وأنه: لا حكم قبل ورود الشرع.
قال النووي : وهذا هو الصحيح، عند محققي الأصوليين. لقوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا .
( فإنما هلك من كان قبلكم: بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء، فائتوا منه ما استطعتم ).
هذا من قواعد الدين المهمة. ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم. ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام ؛ كالصلاة بأنواعها.
فإذا عجز عن بعض أركانها، أو بعض شروطها، أتى بالباقي.
وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل، غسل الممكن.
وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته، أو لغسل النجاسة: فعل الممكن.
وإذا وجبت إزالة منكرات، أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم، أو نحو ذلك، وأمكنه البعض: فعل الممكن.
وإذا وجد ما يستر بعض عورته، أو حفظ بعض الفاتحة: أتى بالممكن.
وأشباه هذا غير منحصرة. وهي مشهورة في كتب الفقه. والمقصود: التنبيه على أصل ذلك.
[ ص: 195 ] وهذا الحديث: موافق لقول الله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم ) .
وهذه الآية: مفسرة لقوله سبحانه: اتقوا الله حق تقاته .
لأنه امتثال أمره، واجتناب نهيه.
ولم يأمر سبحانه إلا بالمستطاع. قال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وقال تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج . والله أعلم.
( وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ). هذا على إطلاقه.
فإن وجد عذر يبيحه، كأكل الميتة عند الضرورة، أو شرب الخمر عند الإكراه، أو التلفظ بكلمة الكفر إذا أكره، ونحو ذلك: فهذا ليس منهيا عنه في هذا الحال. والله أعلم.
ولفظ: ( أمرتكم ونهيتكم ): يشير إلى أن ولا حظ فيهما لأحد من أمته، كائنا من كان. الأمر والنهي في الدين، ليس إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا جاء الكتاب العزيز بالرد عند التنازع، إلى كتاب الله وسنة رسوله. كما قال سبحانه: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ).
[ ص: 196 ] هذا، وحديث الباب يدل على أن بأصل الشرع. الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة،
وهو مجمع عليه. كما قال النووي ، والحافظ، وغيرهما.
قال في ( السيل ): وهذا الحكم قد صار من المعلومات، بالضرورة الشرعية.
وليس في قول الله تعالى: ولله على الناس حج البيت إلا الدلالة على المرة الواحدة.
وقد زاد ذلك إيضاحا: ما وقع من السؤال للنبي صلى الله عليه وسلم، وجوابه بأنه لا يجب إلا مرة واحدة.
وقد أجمع على ذلك جميع المسلمين، سابقهم ولاحقهم. ولا يعرف في ذلك مخالف من أهل الإسلام.
وقال في ( النيل ): وكذلك العمرة، عند من قال بوجوبها، لا تجب إلا مرة. إلا أن ينذر بالحج أو العمرة، وجب الوفاء بالنذر بشرطه. انتهى.
قال النووي : وكذا إذا أراد دخول الحرم لحاجة، لا تكرر ؛ كزيارة وتجارة، على مذهب من أوجب الإحرام لذلك بحج أو عمرة. انتهى.
[ ص: 197 ]
(عن ) رضي الله عنه، ( قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيها الناس ! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " ). أبي هريرة
فيه: الأمر بالحج.
واختلف الأصوليون في أن الأمر: هل يقتضي التكرار أم لا ؟
والصحيح عند الشافعية: لا يقتضيه.
والثاني: يقتضيه.
والثالث: يتوقف فيما زاد على مرة، على البيان. فلا يحكم باقتضائه، ولا بمنعه.
(فقال رجل ). وهو الأقرع بن حابس. كما جاء مبينا في غير هذه الرواية: ( أكل عام ؟ يا رسول الله ! فسكت ).
قال النووي : وقد يستدل بهذا من يقول بالتوقف. لأنه سأل فقال: ( أكل عام ؟ ). [ ص: 192 ] ولو كان مطلقه يقتضي التكرار أو عدمه، لم يسأل. ولقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا حاجة إلى السؤال ". بل مطلقه محمول على كذا.
والجواب: أنه سأل استظهارا واحتياطا. وقوله الآتي: " ذروني ما تركتكم "، ظاهر في أنه لا يقتضي التكرار.
قال ويحتمل أنه إنما احتمل التكرار عنده، من وجه آخر. لأن الحج في اللغة: ( قصد فيه تكرر ). فاحتمل عنده التكرار، من جهة الاشتقاق، لا من مطلق الأمر. الماوردي:
قال: وقد تعلق بما ذكرناه عن أهل اللغة ههنا، من قال بإيجاب العمرة.
وقال: لما كان قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت يقتضي تكرار قصد البيت، بحكم اللغة والاشتقاق. وقد أجمعوا على أن الحج لا يجب إلا مرة، كانت العودة الأخرى إلى البيت تقتضي كونها عمرة. لأنه لا يجب قصده لغير حج وعمرة بأصل الشرع.
( حتى قالها ثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت: نعم، لوجبت ولما استطعتم " ).
قال في ( المنتقى ): فيه: دليل على أن الأمر لا يقتضي التكرار. انتهى.
قلت: هذه المسألة أصولية. بسطت القول فيها، في( حصول المأمول ).
وذكرت اختلاف العلماء فيها [ ص: 193 ] وحاصلها: أنه لا دلالة للصيغة على التكرار، إلا بقرينة تفيد ذلك وتدل عليه. فإن حصلت حصل التكرار، وإلا فلا.
فلا يتم استدلال المستدلين على التكرار، بصور خاصة، اقتضى الشرع أو اللغة: أن الأمر فيها يفيد التكرار.
لأن ذلك خارج عن محل النزاع. وليس النزاع إلا في مجرد دلالة الصيغة، مع عدم القرينة.
فالتطويل في مثل هذا المقام، بذكر الصور التي ذكرها أهل الأصول، لا يأتي بفائدة.
ثم في قوله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت: نعم، لوجبت " دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم مفوض في شرع الأحكام.
قال النووي : ( فيه ): دليل للمذهب الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم، كان له أن يجتهد في الأحكام.
ولا يشترط في حكمه: أن يكون بوحي.
وقيل: يشترط. وهذا القائل يجيب عن هذا الحديث بأنه ؛ لعله أوحي إليه ذلك. والله أعلم. انتهى.
قال في (شرح المنتقى ): وفي ذلك خلاف مبسوط في الأصول.
ثم قال: " ذروني ما تركتكم ". )
(فيه ): دليل على أن الأصل، عدم الوجوب.
[ ص: 194 ] وأنه: لا حكم قبل ورود الشرع.
قال النووي : وهذا هو الصحيح، عند محققي الأصوليين. لقوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا .
( فإنما هلك من كان قبلكم: بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء، فائتوا منه ما استطعتم ).
هذا من قواعد الدين المهمة. ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم. ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام ؛ كالصلاة بأنواعها.
فإذا عجز عن بعض أركانها، أو بعض شروطها، أتى بالباقي.
وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل، غسل الممكن.
وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته، أو لغسل النجاسة: فعل الممكن.
وإذا وجبت إزالة منكرات، أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم، أو نحو ذلك، وأمكنه البعض: فعل الممكن.
وإذا وجد ما يستر بعض عورته، أو حفظ بعض الفاتحة: أتى بالممكن.
وأشباه هذا غير منحصرة. وهي مشهورة في كتب الفقه. والمقصود: التنبيه على أصل ذلك.
[ ص: 195 ] وهذا الحديث: موافق لقول الله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم ) .
وهذه الآية: مفسرة لقوله سبحانه: اتقوا الله حق تقاته .
لأنه امتثال أمره، واجتناب نهيه.
ولم يأمر سبحانه إلا بالمستطاع. قال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وقال تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج . والله أعلم.
( وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ). هذا على إطلاقه.
فإن وجد عذر يبيحه، كأكل الميتة عند الضرورة، أو شرب الخمر عند الإكراه، أو التلفظ بكلمة الكفر إذا أكره، ونحو ذلك: فهذا ليس منهيا عنه في هذا الحال. والله أعلم.
ولفظ: ( أمرتكم ونهيتكم ): يشير إلى أن ولا حظ فيهما لأحد من أمته، كائنا من كان. الأمر والنهي في الدين، ليس إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا جاء الكتاب العزيز بالرد عند التنازع، إلى كتاب الله وسنة رسوله. كما قال سبحانه: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ).
[ ص: 196 ] هذا، وحديث الباب يدل على أن بأصل الشرع. الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة،
وهو مجمع عليه. كما قال النووي ، والحافظ، وغيرهما.
قال في ( السيل ): وهذا الحكم قد صار من المعلومات، بالضرورة الشرعية.
وليس في قول الله تعالى: ولله على الناس حج البيت إلا الدلالة على المرة الواحدة.
وقد زاد ذلك إيضاحا: ما وقع من السؤال للنبي صلى الله عليه وسلم، وجوابه بأنه لا يجب إلا مرة واحدة.
وقد أجمع على ذلك جميع المسلمين، سابقهم ولاحقهم. ولا يعرف في ذلك مخالف من أهل الإسلام.
وقال في ( النيل ): وكذلك العمرة، عند من قال بوجوبها، لا تجب إلا مرة. إلا أن ينذر بالحج أو العمرة، وجب الوفاء بالنذر بشرطه. انتهى.
قال النووي : وكذا إذا أراد دخول الحرم لحاجة، لا تكرر ؛ كزيارة وتجارة، على مذهب من أوجب الإحرام لذلك بحج أو عمرة. انتهى.
[ ص: 197 ]