الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 154 ) فصل ويجب غسل ما استرسل من اللحية . وقال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه : لا يجب غسل ما نزل منها عن حد الوجه طولا وعرضا ; لأنه شعر خارج عن محل الفرض ، فأشبه ما نزل من شعر الرأس عنه .

                                                                                                                                            وروي عن أبي حنيفة أنه لا يجب غسل اللحية الكثيفة ; لأن الله تعالى إنما أمر بغسل الوجه ، وهو اسم للبشرة التي تحصل بها المواجهة ، والشعر ليس ببشرة ، وما تحته لا تحصل به المواجهة . وقد قال الخلال الذي ثبت عن أبي عبد الله في اللحية أنه لا يغسلها وليست من الوجه ألبتة .

                                                                                                                                            قال : وروى بكر بن محمد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا عبد الله أيما أعجب إليك غسل اللحية أو التخليل ؟ فقال : غسلها ليس من السنة ، وإن لم يخلل أجزأه . وهذا ظاهر مثل مذهب أبي حنيفة في الرواية التي ذكرت عنه . ويحتمل أنه أراد ما خرج عن حد الوجه منها ، وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي ، والمشهور عن أبي حنيفة أن عليه غسل الربع من اللحية ، بناء على أصله في مسح الرأس . وظاهر مذهب أحمد الذي عليه أصحابه ، وجوب غسل اللحية كلها مما هو نابت في محل الفرض ، سواء حاذى محل الفرض أو تجاوزه ، وهو ظاهر كلام الشافعي .

                                                                                                                                            وقول أحمد في نفي الغسل ، أراد به غسل باطنها ، أي غسل باطنها ليس من السنة ، وقد روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد غطى لحيته في الصلاة ، فقال : اكشف وجهك ; فإن اللحية من الوجه } ; ولأنه نابت في محل الفرض يدخل في اسمه ظاهرا ، فأشبه اليد الزائدة ; ولأنه يواجه به ، فيدخل في اسم الوجه ، ويفارق شعر الرأس ، فإن النازل عنه لا يدخل في اسمه ، والخف لا يجب مسح جميعه ، بخلاف ما نحن فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية