الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 129 ] ( وإنه لفي زبر الأولين ( 196 ) أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ( 197 ) ولو نزلناه على بعض الأعجمين ( 198 ) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ( 199 ) كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ( 200 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإنه ) أي : ذكر إنزال القرآن ، قاله أكثر المفسرين . وقال مقاتل : ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - ونعته ، ( لفي زبر الأولين أولم يكن لهم آية ) [ قرأ ابن عامر : " تكن " بالتاء " آية " بالرفع ، جعل الآية اسما وخبره : ) ( أن يعلمه ) وقرأ الآخرون بالياء ، " آية " نصب ، جعلوا الآية خبر يكن ، معناه : أولم يكن لهؤلاء المنكرين علم بني إسرائيل آية ، أي : علامة ودلالة على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، لأن العلماء الذين كانوا من بني إسرائيل ، كانوا يخبرون بوجود ذكره في كتبهم ، وهم : عبد الله بن سلام وأصحابه . قال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود وهم بالمدينة فسألوهم عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : إن هذا لزمانه ، وإنا نجد في التوراة نعته وصفته ، فكان ذلك آية على صدقه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ) ( أن يعلمه ) يعني : يعلم محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، ( علماء بني إسرائيل ) قال عطية : كانوا خمسة : عبد الله بن سلام ، وابن يامين ، وثعلبة ، وأسد ، وأسيد . ) ( ولو نزلناه ) يعني القرآن ، ) ( على بعض الأعجمين ) جمع الأعجمي ، وهو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية وإن كان عربيا في النسب ، والعجمي : منسوب إلى العجم ، وإن كان فصيحا . ومعنى الآية : ولو نزلناه على رجل ليس بعربي اللسان . ) ( فقرأه عليهم ) بغير لغة العرب ، ( ما كانوا به مؤمنين ) وقالوا : ما نفقه قولك ، نظيره قوله - عز وجل - : " ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته " ( فصلت - 44 ) ، وقيل : معناه ولو نزلناه على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة من اتباعه . ( كذلك سلكناه ) قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد : أدخلنا الشرك والتكذيب ( في قلوب المجرمين )

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية