الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 439 ] فصل

                                                                                                          ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية في رواية ( و ش م ر ) ثم من الأصحاب من اقتصر على الجواز ، ومنهم من قال : ويكره . نص عليه ، وعنه رواية ثالثة : يمنعون من شرائها ، اختارها الخلال وصاحبه ( م 16 و 17 ) فعليها يصح ، جزم به الأصحاب رحمهم الله وحكى أحمد رحمه الله عن الحسن وعمر بن عبد العزيز : يمنعون من الشراء ، [ ص: 440 ] فإن اشتروا لم يصح ، وكلام شيخنا في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) يعطي أن على المنع لا يصح ( و م ر ) فعلى عدم المنع : لا عشر عليهم ( و م ر ش ) ; لأنه زكاة ، فلا منع ، ولا زكاة السائمة وغيرها ، وذكر ( القاضي في شرحه الصغير ) أن إحدى الروايتين أنه يجب على الذمي غير التغلبي نصف العشر ، سواء اتجر بذلك أم لم يتجر به ، من ماله وثمره وماشيته ، ويأتي في أحكام الذمة .

                                                                                                          وذكر شيخنا في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) على هذا : هل عليهم عشران أم لا شيء عليهم ؟ على روايتين ، وهذا غريب ، ولعله أخذه من لفظ ( المقنع ) ، وعلى المنع عليهم عشران ; لأن فيه تصحيح كلام المتعاقدين ، ودفع الضرر المؤبد عن الفقراء بوجوب الحق فيه ، وكان ضعف ما على المسلم كما يجب في الأموال التي يمرون بها على العاشر نصف العشر ، ضعف الزكاة ، وعنه : لا شيء عليهم ، قدمه بعضهم ، وعنه : عشر واحد ، ذكرها في الخلاف كما كان ، لتعلقه بالأرض ، كبقاء الخراج إذا اشترى مسلم أرضا خراجية من ذمي ، فلا وجه لتقديم هذا في الرعاية ، ولا تصير هذه الأرض خراجية ; لأنها أرض عشر ، كما لو كان مشتريها مسلما ، ومذهب ( هـ ) تصير خراجية أبدا ، ولو أسلم ربها أو ملكها مسلم ; لأن الإسلام لا ينافي الخراج ، فأما إن كان المشتري من بني تغلب جاز ، نقله ابن القاسم ، خراجية كانت أو عشرية ، ولزمه العشران ( و ) كالماشية ، وإن أسلم المشتري أو باعها مسلما سقط عشر وبقي عشر الزكاة [ ص: 441 ] للمستقبل ، لعموم الأخبار ، ولأنه أخذ بحكم الكفر ، لحقن الدم ، فأشبه الجزية ، ولأنه من حق الزرع ، فأشبه بقية أموالهم ، ومذهب ( هـ ) الحكم كما كان ، كالخراج الذي ضربه عمر رضي الله عنه ، وكذا مذهبه إن باعها من ذمي ، وعندنا لا شيء فيها كما لو باعه ماشية ، ولنا وجه في الخارج منها عشران ، ثم إن كان في الحاضر في هذه الأرض ثمر صلاحه باد أو زرع مشتد بقي العشران على بائعه ، ويسقطان بالإسلام ( هـ ش ) كسقوط جزية الرءوس ( ش ) وجزية الأرض وهو خراجها بالإسلام ( هـ ) ولم يكن وقت الوجوب من أهل الزكاة .

                                                                                                          وذكر ابن عقيل رواية : لا يسقط أحدهما بالإسلام ( و هـ ش ) وإن استأجر الذمي هذه الأرض ، فقد سبق في الفصل [ الذي ] قبله ، وظاهر كلامهم لا يكره بيعه منقولا زكويا ، ومقتضى ما سبق في الإجارة لا سيما الكراهة أن يكون مثلها ; لأنه يشبهها ، ويأتي في الفصل الثالث بيعه وإيجاره عقارا ومنقولا ، وفيما ملكه الذمي بالإحياء الروايتان في أول الفصل ، ومصرف ذلك كما يؤخذ من نصارى بني تغلب ، ولا شيء على ذمي فيما اشتراه من أرض خراجية ، وألحقه ابن البنا في شرحه بالأرض العشرية .

                                                                                                          [ ص: 439 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 439 ] مسألة 16 - 17 ) قوله : ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية في رواية ، ثم من الأصحاب من اقتصر على الجواز ، ومنهم من قال : ويكره ، نص عليه ، وعنه : رواية ثالثة : يمنعون من شرائها ، اختارها الخلال وصاحبه ، انتهى . دخل في ضمن كلام المصنف مسألتان :

                                                                                                          ( المسألة الأولى ) هل يجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية أم لا يجوز ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والهادي ، إحداهما يجوز ، وهو الصحيح ، جزم به في المقنع والإفادات والوجيز وغيرهم ، ونصره المجد في شرحه وغيره ، وقدمه في الخلاصة والكافي والمغني والشرح والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين وابن منجى وإدراك الغاية وغيرهم ، والرواية الثانية لا يجوز ، اختارها الخلال وصاحبه ، وقدمها في المستوعب ومختصر ابن تميم .

                                                                                                          ( المسألة 17 الثانية ) إذا قلنا بالجواز ، فهل هو مع الكراهة أم لا ؟ قال المصنف : منهم من اقتصر على الجواز ، ومنهم من قال : ويكره ، نص عليه ، انتهى . قال في الكافي : ويجوز ويكره بيعها لهم .

                                                                                                          وقال في المغني والشرح وشرح ابن رزين : ويكره بيعها لهم ، واقتصر في الهداية والمذهب والمستوعب والمقنع والهادي وشرح ابن منجى ومختصر ابن تميم ، قال في الرعايتين والحاويين : يجوز ، وعنه : ويكره ، وعنه : يحرم ، فذكر رواية بالجواز ورواية بالكراهة .




                                                                                                          الخدمات العلمية